للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن مفهوم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع" واضح، وأمَّا مفهوم المخالفة فهو: أنها إذا لم تؤبر فالثمرة للمشتري، وهذا محل الخلاف بين العلماء.

* قوله: (عَلِمْنَا بِدَلِيلِ الْخِطَابِ أَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ الْإِبَارِ بِلَا شَرْطٍ).

وهذا هو دليل وتعليل جمهور العلماء.

ودليل الخطاب هو ما يسمى بمفهوم المخالفة؛ وهو إثبات عكس حكم المنطوق به للمسكوت عنه؛ يعني أن هناك عبارة منطوق، وهي في الحديث قوله: "من باع نخلة بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع" لأنه هو الذي تعب عليها وأمضى الوقت فيها، فلما باع الأصل كان أولى بها، ودليلها المخالف أنها إذا لم تؤبر فهي للمشتري وليست للبائع.

ومفهوم المخالفة له أقسام عدة، وهو بلا شك حجة عند جمهور العلماء (١)، وفي بعض مدلولاته يُعد حجة عند الحنفية، وقد عمل به العلماء في مسائل كثيرة في الفقه الإسلامي؛ كحديث الزكاة المفروضة في سائمة الغنم، فنص الحديث أن الزكاة في السائمة (٢)، ومفهوم المخالفة أو دليل الخطاب أن المعلوفة لا زكاة فيها.

* قوله: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: هِيَ لِلْبَائِعِ قَبْلَ الإبَارِ، وَبَعْدَه، وَلَمْ يُجْعَلِ الْمَفْهُومُ هَاهُنَا مِنْ بَابِ دَلِيلِ الْخِطَابِ؛ بَلْ مِنْ بَابِ مَفْهُومِ الْأَحْرَى وَالْأَوْلَى) (٣).


(١) يُنظر: " شرح تنقيح الفصول" للقرافي (ص ٢٧٠) حيث قال: "هو حجة عند مالك رَحِمَهُ اللهُ وجماعة من أصحابه وأصحاب الشافعي، وخالف في مفهوم الشرط القاضي أبو بكر منا وأكثر المعتزلة". وانظر: "إرشاد الفحول" للشوكاني (٢/ ٣٩).
(٢) أخرجه أبو داود (٢/ ٩٦) وفيه: "وفي سائمة الغنم إذا كانت أربعين، ففيها شاة إلى عشرين ومائة". وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (١٣٩٩).
(٣) "مفهوم الأولى": هو أن يكون حكم المسكوت أولى من المنطوق مثل تحريم ضرب الوالدين الدال عليه؛ نظرًا لمعنى قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} فهو أولى من =

<<  <  ج: ص:  >  >>