المؤلف يبحث في هذه المسألة ما يتعلق ببيع مال العبد، ويقصد بالعبد المملوك، وأمَّا من حيث التعبد فالخلق كلهم عبيد الله سبحانه وتعالى، لا فرق بين أبيضهم وأسودهم، ولا بين أحمرهم وأصفرهم، ولا بين كبيرهم ولا صغيرهم، ولا بين شريفهم ووضيعهم، فهم كلهم متساوون في عبادة الله سبحانه وتعالى، وكلهم أيضًا بحاجة إليه سبحانه وتعالى، فهو الغني وهم الفقراء، ولا شك أنَّ من أجلِّ وأحسن ما يتحلى به المؤمن أن يكون عبدًا لله سبحانه وتعالى، ولذلك ذكر الله سبحانه وتعالى نبيه في موضع الثناء فقال:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى}[الإسراء: ١].
والمملوك إنما حصل رقه بسبب القتال، فقد كان كافرًا، ثم بعد ذلك أُسر، وهذا الأسير كما هو معلوم تترتب عليه أحكام، وهو يباع ويشترى كسائر الأموال؛ لكن الإسلام لم يُغفل جانبه، فقد حضَّ على إعتاق الرقيق ورغب في ذلك أيضًا، وأكده فيما يتعلق بالكفارات كما مر بنا في كفارة الجماع في رمضان، وكذلك فيما يتعلق بالمظاهرة والقتل وغير ذلك.
ومبحثنا في هذه المسألة هو ما يخص المملوك من حيث ماله؛ وفي ذلك عدة أمور هي:
الأول: هل المملوك يملك أو لا يملك؟
الثاني: إذا قلنا أنه لا يملك مطلقًا فكيف إذا ملَّكه سيده مالًا من الأموال أو صنفًا من الأصناف؟ هذا أيضًا محل خلاف بين العلماء، والأول الخلاف فيه أشد.
الثالث: المملوك إذا بيع وليس له مال، ولكن له ثياب وتبعات، فهل هي تتبعه أيضًا في المبيع أو لا؟ أي: هل هي من حق المشتري أو أن ذلك يختلف؟ وهي أيضًا مسألة فيها تفصيل.
الرابع: وعلى القول بأنه إذا اشترط أيضًا المشتري ماله فأخذه، ثم فسخ العقد بسبب من الأسباب - كالإقالة أو وجود عيب أو في وقت الخيار - فهل يعود هذا المال إلى المالك الأول أو لا؟