للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (فَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ مُتَّفِقُونَ … ).

ففقهاء الأمصار متفقون على أنهما يتحالفان طالما ليس هناك بينة، فلا بدَّ إذن من اليمين، واليمين كما هو معروف عهد، والإنسان إذا أقسم بالله سبحانه وتعالى فإنه جعل ذلك عهدًا، ولذلك الله تعالى يقول: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} [البقرة: ٢٢٤].

وربما يحلف البائع أنه باع هذه السلعة بكذا وهو كاذب، وهذا لا ينجيه من عذاب الله سبحانه وتعالى، وربما حلف المشتري وكان الورع في جانب البائع، فيعطيه السلعة وهو كاذب، وهذا لا يغير من الحكم؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا ينطق عن الهوى يأتيه الخصمان فيقول: "إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ فَلا يَأْخُذْهَا" (١).

هذا من حيث الجملة وليس حكمًا نهائيًّا؛ إذ يتحالفان ويتفاسخان، وسيأتي تفصيل المسألة.

* قوله: (فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَجَمَاعَةٌ (٢): إِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ مَا لَمْ تَفُتْ عَيْنُ السِّلْعَةِ).

إذن المسألة على نوعين، والحال لا يخلو إمَّا أن تكون السلعة قائمة موجودة مشاهدة بينهما، وربما تكون السلعة قد ذهبت إما عن طريق التصدق بها أو الهبة أو الفوات أو غير ذلك؛ بمعنى أنها زالت عن ملك المشتري بأي نوع من أنواع الإزالة.

* قوله: (فَإِنْ فَاتَتْ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ).


(١) أخرجه البخاري (٧١٦٨).
(٢) يُنظر: "الاختيار لتعليل المختار" لابن مودود الموصلي (٢/ ١٢١) حيث قال: " (وإن اختلفا بعد هلاك المبيع لم يتحالفا) عند أبي حنيفة وأبي يوسف. (والقول قول المشتري) لأنه منكر".

<<  <  ج: ص:  >  >>