للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالقول إذن قول المشتري مع يمينه؛ لأن السلعة غير موجودة حتى نقول: إنهما يتحالفان وترد.

* قوله: (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (١)، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ (٢) صَاحِبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَشْهَبُ صَاحِبُ مَالِكٍ: "يَتَحَالَفَانِ فِي كُلِّ وَقْتٍ").

يتحالفان في كل وقت؛ سواء كانت السلعة موجودة أو ذهبت؛ لأن الحكم لا يتغير، وهذا هو رأي الأكثر، وهو قول أحمد بن حنبل (٣) كذلك.

ومما يجدر بنا التنبيه عليه هنا أن محمد بن الحسن من أخص تلاميذ أبي، حنيفة، وهو أكثر أصحابه خدمة للمذهب الحنفي، ورأيه حجة فيه، بل يعتبر هو من المؤسسين لهذا المذهب والواضعين لأصوله وقواعده، وهو المرجع في غالب كتبه. ومع ذلك كله فقد خالف إمامه في هذه المسألة. وكذلك أشهب خالف مالكًا فيها؛ ومنه يتبين لنا أنَّ قاعدة هؤلاء الأكابر هي أنَّ الحق ضالة المؤمن.

* قوله: (وَأَمَّا مَالِكٌ فَعَنْهُ رِوَايَتَانِ رَحِمَهُ اللهُ (٤)، إِحْدَاهُمَا: أَنَّهُمَا


(١) يُنظر: "روضة الطالبين" للنووي (٣/ ٥٧٧) حيث قال: "وإن لم تكن بينة تحالفا، سواء كانت السلعة باقية أو تالفة، وسواء اختلف المتبايعان أو ورثتهما".
(٢) يُنظر: "الاختيار لتعليل المختار" لابن مودود الموصلي (٢/ ١٢١) حيث قال: وقال محمد: يتحالفان ويفسخ البيع على قسمة الهالك".
(٣) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ٢٣٦) حيث قال: " (فمتى اختلفا) أي المتعاقدان (في قدر ثمن أو) في قدر (أجرة) بأن قال: بعتكه بمائة، فقال المشتري: بل بثمانين وكذا في الإجارة (ولا بينة) لأحدهما، تحالفا (أو لهما) بينة (تحالفا) وسقطت بينتاهما لتعارضهما. (ولو كانت السلعة) المبيعة (تالفة؛ لأن كلًّا منهما مدع ومدعى عليه صورة، وكذا حكمًا لسماع بينتهما) ".
(٤) يُنظر: "التاج والإكليل" للمواق (٤/ ٥١٠) حيث قال: "أمَّا اختلافهما في قدر الثمن ففي المنتقي إن اختلفا في الثمن قبل قبض السلعة فقال البائع: بعشرة، وقال المبتاع: بخمسة، بدي البائع فقيل له: إن أبيت ما قال المبتاع فاحلف أنك بعتها منه بعشرة، فإن حلف قيل للمبتاع: إن أبيت ما قال البائع: فاحلف أنك اشتريتها منه بخمسة، فإن حلف لم يلزم أحدهما ما حلف عليه الآخر، وأما إن اختلفا بعد قبض =

<<  <  ج: ص:  >  >>