للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينبغي لنا ألا نستغرب من تعدد الآراء وتنوعها في المذاهب، وبخاصة في المسائل التي لا يكون هناك نص يُستند إليه، والملاحظ أنه كلما كان في المسألة دليل صريح من كتاب أو سُنة نجد أنه غالبًا ما يُتفق في مثل هذه المسألة، وحتى إن وجد خلاف فيكون خلافًا محصورًا، لكن عندما تكون المسألة اجتهادية بحتة فحينئذٍ تتنوع الأقوال، بل تجد أن الآراء تتنوع، وليس هذا في مذهب مالك فقط، بل في مذهب الشافعي وأحمد وأبي حنيفة أيضًا.

وقولهم بأن القول قول المشتري؛ لأنهم اعتبروا أن البائع مدعٍ والمشتري منكِر، فحينئذٍ يطلب من البائع البينة ولا بينة عنده؛ إذن يكون القول قول المشتري مع يمينه، فيرجعون إلى الحديث المعروف.

وقوله: (جِنْسِ الثَّمَنِ) أي: هل هو دراهم أو دنانير أو عروض أو بر ببر أو غير ذلك؟

* قوله: (وَلَا خِلَافَ (١) أَنَّهُمْ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوِ المَثْمُونِ أَنَّ الوَاجِبَ هُوَ التَّحَالُف، وَالتَّفَاسُخُ).


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "الاختيار لتعليل المختار" لابن مودود الموصلي (٢/ ١٢٠) حيث قال: " (فإن لم تكن لهما بينة يقال للبائع: إمَّا أن تسلم ما ادعاه المشتري من المبيع، وإلا فسخنا البيع؛ ويقال للمشتري: إمَّا أن تسلم ما ادعاه البائع من الثمن، وإلا فسخنا البيع) لأنهما قد لا يختاران الفسخ، فإذا علما بذلك تراضيا، فترتفع المنازعة، وهو المقصود. (فإن لم يتراضيا يتحالفان ويفسخ البيع) ".
ومذهب المالكية، يُنظر: "مختصر خليل" (ص ١٦١) حيث قال: "إن اختلف المتبايعان في جنس الثمن أو نوعه: حلفا وفسخ".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "روضة الطالبين" للنووي (٣/ ٥٧٨) حيث قال: "يجري التحالف في جميع عقود المعاوضات، ثم في البيع ونحوه يفسخ العقد بعد التحالف، أو ينفسخ ويترادان".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٣/ ٢٣٨) حيث قال: "وإن اختلفا في جنس الثمن كما لو ادعى أحدهما أنه عقد بنقد، والآخر بعرض، أو أحدهما أنه عقد بذهب والآخر بفضة، فالظاهر أنهما يتحالفان؛ لأنهما اختلفا في الثمن على وجه لا يترجح قول أحدهما فوجب التحالف كما لو اختلفا في قدره".

<<  <  ج: ص:  >  >>