للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمشتري يدعي أنه اشترى السلعة بكذا، ثم ينكر أيضًا قول البائع، والبائع يدعي أنه باعها بسعر كذا وينكر قول المشتري؛ إذن كل منهما مدعٍ من جانب ومنكر من جانب آخر، فيدعي أن ثمن السلعة كذا وينكر قول صاحبه.

* قوله: (وَأَمَّا مَنْ رَأَى أَنَّ الحَدِيثَ إِنَّمَا يجِبُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الحَالَةِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ يَتَسَاوَى فِيهَا دَعْوَى البَائِعِ وَالمُشْتَرِي قَالَ: إِذَا قَبَضَ السّلْعَةَ، أَوْ فَاتَتْ، فَقَدْ صَارَ القَبْضُ شَاهِدًا لِلْمُشْتَرِي، وَشُبْهَةً لِصِدْقِهِ).

هذه وجهة نظر للفريق الآخر، قالوا: إذا بيعت السلعة ثم حصل القبض؛ فكون البائع أقبضها المشتري - أي: وفَّاها إياه - بمثابة شبهة تكون في جانب المشتري؛ يعني تكون شبهة يتقوى بها قول المشتري، ولكنها ليست حجة؛ إذ هناك فرق بين الشبهة وبين الحجة، ولذلك المالكية كما سينص المؤلف يغلبون أحيانًا جانب البائع لوجود شبهة، وأحيانًا يغلبون جانب المشتري لوجود شبهة كذلك.

* قوله: (وَاليَمِينُ إِنَّمَا يَجِبُ عَلَى أَقْوَى المُتَدَاعِيَيْنِ شُبْهَةً، وَهَذَا هُوَ أَصْلُ مَالِكٍ (١) فِي الأَيْمَانِ؛ وَلِذَلِكَ يُوجِبُ فِي مَوَاضِعَ اليَمِينَ عَلَى المُدَّعِي، وَفِي مَوَاضِعَ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَجِبِ اليَمِينُ بِالنَّصِّ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ فِي الأَكْثَرِ أَقْوَى شُبْهَةً، فَإِذَا كَانَ المُدَّعِي فِي مَوَاطِنَ أَقْوَى شُبْهَةً، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ اليَمِينُ فِي حَيِّزِهِ).

ففي الحديث: "البينة على المدعي واليمين على مَن أنكر" (٢) فالبينة


(١) يُنظر: "الذخيرة" للقرافي (٩/ ١٦١) حيث قال: "الأصل نحو دعاوى الديون والإتلافات، فإن الأصل براءة الذمم، وهذا معنى قول الأصحاب: المدعى عليه أقوى المتداعيين سببًا".
(٢) أخرجه الترمذي (١٣٤١) وقال: "وفي إسناده مقال"، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٦٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>