للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على المدعي، والمنكر هو الذي يحلف اليمين. لكن مالكًا أحيانًا يعكس القضية فيطلب من المدعي اليمين؛ وذلك لأنه يرى وجود شبهة في جانبه تقوي رأيه، فيعتبرها تغليبًا له فلا يطلب من المشتري اليمن حتى لا يضيع حق الذي وجدت عنده قرينة - وهي الشبهة في صفِّ البائع.

والأصل أن المدعي يأتي بالبينة؛ لأنه هو الذي يطلب حقًّا، وهو الذي أثار الخلاف، فيقال له: هاتِ البينة، فأنت صاحب دعوى، والأصل في المسلمين إنما هي البراءة فيحسن الظن بهم، وأنت تدعي خلاف هذا الأصل فأتِ ببينتك. فإن جاء بها حُكم له، وإن لم يأتِ ببينةٍ وجب عليه اليمين؛ لأن الإمام مالكًا يعتبر الشبهة هنا قرينة تقوي الطرف الآخر.

وهذا تعليل واستحسان من المالكية، وقد توسعوا في هذا المقام، وإلا فالحديث صريحٌ في أنَّ البينة على المدعي واليمين على من أنكر، وفي رواية الصحيحين (١): "اليمين على المدعى عليه" لأنَّ الأول يطالب بحقه، فنفاه الثاني، وكونه مسلمًا يخشى الله ويخافه - في الأصل - يطلب منه اليمين، فإن كان صادقًا فالحمد لله ولكون قد بر بيمينه، وإن كان كاذبًا فإن هذه اليمين لن تنجيه من عذاب الله تعالى.

* قوله: (وَأَمَّا مَنْ رَأَى القَوْلَ قَوْلَ المُشْتَرِي، فَإِنَّهُ رَأَى أَنَّ البَائِعَ مُقِرٌّ لِلْمُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ، وَمُدَّعٍ عَلَيْهِ عَدَدًا مَا فِي الثَّمَنِ).

فالفقهاء (٢) انقسموا في ذلك إلى ثلاثة:


(١) أخرجه البخاري (٢٥١٤)، ومسلم (١٧١١).
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "المختصر" للقدوري (ص ١٥٢) حيث قال: "وإن اختلفا في الأجل أو في شرط الخيار أو في استيفاء بعض الثمن، فلا تحالف بينهما، والقول قول من ينكر الخيار والأجل مع يمينه وإن هلك المبيع ثم اختلفا لم يتحالفا عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وجعل القول قول المشتري. وقال محمد: يتحالفان ويفسخ البيع على قيمة الهالك".
ومذهب المالكية، يُنظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (٥/ ١٩٦) حيث قال: "إذا اختلف المتبايعان في قدر الثمن بأن قال البائع مثلًا: بعتك بثمانية، ويقول المشتري: =

<<  <  ج: ص:  >  >>