للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومحرم العين كالخمر، كما جاء في الحديث: "حرمت الخمر" (١)، أي: عينها، وبيع الخمر والخنزير لا خلاف فيه (٢) بنص القرآن العزيز، قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: ٣]، وقال تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: ١٤٥].

* قوله: (وَمَالِكٌ (٣) يَرَى أَنَّ النَّهْيَ فِي هَذِهِ الأُمُورِ إِنَّمَا هُوَ لِمَكَانِ عَدَمِ العَدْلِ فِيهَا (أَعْنِي: بُيُوعَ الرِّبَا وَالغَرَرِ)، فَإِذَا فَاتَتِ السِّلْعَةُ فَالعَدْلُ فِيهَا هُوَ الرُّجُوعُ بِالقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تُقْبَضُ السِّلْعَةُ وَهِيَ تُسَاوِي أَلْفًا، وَتُرَدُّ وَهِيَ تُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ، أَوْ بِالعَكْسِ).

ومعنى قوله: لعدم العدل فيها - أن المالكية يفرقون بين هذه المسألة وبين بيوع الربا، فبيوع الربا إنما حرمت وترد لانعدام العدالة فيها، فالربا يصحبه زيادة، وفيه ظلم لأحد الطرفين، وهنا البائع يُلحق ضررًا بالمشتري عن طريق استغلاله - إما لحاجته أو نحو ذلك - فالعدالة إذن غير قائمة، حيث استفاد أحد الطرفين وتضرر الآخر.

وإذا وجدت الاستفادة لجانب وتضرر منها جانب آخر، فذلك مما تأباه الشريعة الإسلامية؛ لأنها قامت على أسس منها العدل، والربا لا يتفق مع هذه القاعدة فهو مضاد للعدل، وهذا هو مراد المؤلف.


(١) أخرجه البخاري (٤٦١٧)، ومسلم (١٩٨٠).
(٢) يُنظر: "الإشراف" لابن المنذر (٦/ ١٢) حيث قال: "وأجمع أهل العلم على أن بيع الخمر غير جائز".
(٣) يُنظر: "حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني" (٢/ ١٥٠) حيث قال: "حكم ما في الغرر الفسخ قبل الفوت، فإن حصل الفوت بتغير الذات في البيع أو استوفيت المنافع في الإجارة والكراء، فالواجب في البيع غرم قيمة السلعة حيث اتفق على الفساد، أو الثمن عند الاختلاف".

<<  <  ج: ص:  >  >>