للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة هي بيع المماثلة، والأئمة الثلاثة - أبو حنيفة والشافعي وأحمد - يمنعون ذلك، ويرون أن العبرة إنما هي عند العقد، فلا يؤثر في ذلك أنه بيع وسلف، ثم بعد العقد يلغي قضية السلف؛ لأنه يعتبر بيعًا جرَّ نفعًا كالقرض الذي يجر نفعًا.

فقول المشتري: على أن تسلفني كذا، يحتمل أن يكون زاد في السعر، وربما العكس؛ بأن يكون المشتري هو الذي يسلف فكأنه حينها قد جامله وخفض في السعر، فيكون في ذلك ضرر.

والجمهور اعتبروا الأصل في ذلك ولا اعتبار لما يأتي بعده؛ لأنه وإن ألغي هذا الشرط فهم يرون أن العلة التي من أجلها نهي عن ذلك وقعت عند العقد.

ومثال ذلك أن يقول: أبيعك هذه الدار مثلًا بعشرة آلاف على أن تسلفني عشرة آلاف، أو يقول: أشتري منك هذه الدار بمبلغ كذا وهذه السيارة على أن تقرضني مبلغ كذا.

فقد يكون ذلك من البائع وربما يكون من المشتري، وهذا قد جاء فيه نص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومالك رَحِمَهُ اللهُ لا يخالف في الأصل، وإنما يخالف فيما إذا أبطل هذا الشرط، مع أنه - أي: الإمام مالك - له رواية يلتقي فيها مع الجمهور، وهي الأصل.

والحديث الوارد في ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم تضمن، ولا بيع ما ليس عندك" (١). وقد ورد بروايات عديدة سبق أن تكلمنا عنها.

وليس في ذلك خلاف بين العلماء من حيث وجود بيع وشرط أو بيع وسلف عند قيام العقد؛ لكن لو ألغي هذا بعد قيام العقد فهو يؤثر عند


(١) أخرجه أبو داود (٣٥٠٤)، وحسَّنه الألباني في "إرواء الغليل" (١٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>