للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَ النَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ يَنْحَصِرُ فِي خَمْسَةِ أَجْنَاسٍ).

يعني بذلك: ربا النسيئة، وربا الفضل، والأحاديث في ذلك كثيرة جدًّا، ومنها:

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلَّا مثلًا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض - يعني: لا تفضلوا بعضها على بعض - (١) ولا تبيعوا الورق بالورق إلَّا مثلًا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض" (٢) وجاء في الأحاديث الأخرى: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثل، يدًّا بيد، فمن زاد، أو استزاد؛ فقد أربى" (٣)، يعني: من أعطى الزيادة، أو طلب الزيادة؛ فقد وقع في الربا، والرِّبَا أبوابه كثيرة.

* قوله: (الْأَوَّلُ: فِي مَعْرِفَةِ مَا هُوَ نَسِيئَةٌ مِمَّا لَيْسَ بِنَسِيئَةٍ).

النسيئة: هي التأجيل (٤)؛ وهذا هو الربا الذي كان يتعامل به أهل الجاهلية، وهو الذي نهى اللهُ سبحانه وتعالى عنه في كتابه العزيز، ونهى عن الربا عُمومًا، وهذا هو الذي أشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آخر خُطبَةٍ خطبها في حجة الوداع؛ عندما حذَّر من الربا، وقال: "أول ربا أضعه ربَانَا؛ ربَا العباس بن عبد المطلب" (٥)، فرأينا أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم تأخذه في الحق لومة لائم، ولم يُحاب عمَّه الذي قال عنه: "أمَّا علمت أنَّ عمَّ الرجل صنْو الأب، أو صنو أبيه"؛ أي: مثل أبيه (٦).


(١) انظر: "تفسير غريب ما في الصحيحين"؛ لمحمد بن فتوح الأزدي الحميدي (ص ٢٢٦)، وفيه: "وَلَا تشفوا بَعضهَا على بعض، أَي: لَا تفضلوا ولا تَزِيدُوا، والشفوف الزِّيَادَة، ويقال: شَفَّ يَشِفّ، إِذا زَاد، وَقد يكون الشف النُّقْصَان، يُقَال: هَذَا دِرْهَم يشف قَلِيلًا، أَي ينقص، وهو من الأضداد".
(٢) أخرجه البخاري (٢١٧٧)، ومسلم (١٥٨٤).
(٣) أخرجه مسلم (١٥٨٤).
(٤) سبق ذكر تعريفه.
(٥) أخرجه مسلم (١٢١٨).
(٦) أخرجه مسلم (٩٨٣) عن أبي هريرة، قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر على الصدقة، =

<<  <  ج: ص:  >  >>