للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إشكال (١)، ثم بيَّنَ رَحِمَهُ اللهُ أنَّ أولئك السَّلف ما كانوا يحتاجون لدراسة النحو؛ لأنَّها لغتهم، صديقتهم، لم تخالطها أمور تُكدِّرها، والأصول مركزة في أذهانهم، وكذا بقية العلوم، فهم مهيؤون للتلقي، ولكن كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رُبَّ حامل فقه إلى مَنْ هو أفقه منه" (٢) "ورب مبلغ أوعى من سامع" (٣)، بعد أن قال: "بلغوا عني ولو آية" (٤).

* قوله: (إِذَا حَصَّلَ مَا يجِبُ لَهُ أَنْ يُحَصِّلَ قَبْلَهُ مِنَ الْقَدْرِ الْكَافِي لَهُ).

أي: قبل هذا الكتاب، فلا يأتي جاهل بالنحو - لا يعرف المرفوع، ولا المنصوب، ولا الحال، وغيرها - ثم يقول: أنا فقيه!


(١) انظر: "الصواعق المرسلة"، لابن القيم (٣/ ١١٣٤)، حيث قال: "فلو تبين لهذا البائس وأمثاله أنَّ طريقة السلف إنَّما هي إثبات ما دلت عليه النصوص من الصفات، وفهمها، وتدبرها، وتعقل معانيها، وتنزيه الرب عن تشبيهه فيها بخلقه، كما ينزهونه عن العيوب، والنقائص، وإبطال طريقة النفاة المعطلة، وبيان مخالفتها لصريح المعقول، كما هي مخالفة لصحيح المنقول؛ علم أن طريقة السلف أعلم، وأحكم، وأسلم، وأهدى إلى الطريق الأقوم، وأنَّها تتضمن تصديق الرسول فيما أخبر، وفهم ذلك، ومعرفته، ولا يناقض ذلك إلَّا ما هو باطل، وكذب، وخيال، ومن جعل طريقة السلف عدم العلم بمعاني الكتاب والسنة، وعدم إثبات ما تضمناه من الصفات؛ فقد أخطأَ خطأً فاحشًا على السَّلفِ".
(٢) أخرجه أبو داود (٣٦٦٠)، عن زيد بن ثابت، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "نَضَّرَ الله امرَأً سَمِعَ منَّا حديثًا؛ فحفِظَه حتى يُبَلَّغَه، فَرُبَّ حامِلِ فقهٍ إلى مَن هو أفقَهُ منه، ورُبَّ حاملِ فقهٍ ليس بفقيهٍ". وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (٤٠٤).
(٣) أخرجه الترمذي (٢٦٥٧)، وفيه: قال - صلى الله عليه وسلم -: "نضر الله امرأً سمع منا شيئًا، فبلغه كما سمع، فرب مبلغ أوعى من سامع". وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٦٧٦٤).
(٤) أخرجه البخاري (٣٤٦١) عن عبد الله بن عمرو، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: " بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليَّ متعمدًا، فليتبوأ مقعده من النار".

<<  <  ج: ص:  >  >>