للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحديث المتفق عليه في الصحيحين، ورواه مالك عن أبي سعيد الخدريِّ، وهو من الأحاديث التي اشتهرت في ذلك، وهو نصٌّ في تحريم ربا الفضل: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ)؛ يعني: متساويين، (وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْض)؛ أي: لا تُفَضِّلوا بعضها على بعض، لا تجعلوا هذا أزيد من هذا، بل ساووا بينها. وهذا أيضًا نصٌ صريحٌ من الرسول - صلى الله عليه وسلم -، (وَلَا تَبِيعُوا الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ)، في الرواية المشهورة: "الوَرِق بالوَرِق"، والوَرِقُ: هو الفضة، ثم أكَّد ذلك بعبارة أخرى؛ فقال: (وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ)؛ يعني: لا تزيدوا بعضها على بعض (١)، ثُمَّ قال: (وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا شَيْئًا غَائِبًا بِنَاجِزٍ، وَهُوَ مِنْ أَصَحِّ مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ) (٢) وهذا هو ربَا النَّسيئة (٣).

فهذه الأشياء كُلُّها لا بُدَّ من وجود التساوي فيها، فإن حصل فيها تفاضل؛ وقع ربا الفضل، وكذلك ما يُلحَقُ بها ممَّا تُوجد فيه علة الرِّبَا، وقد سبق ذكره.

إذًا: فهذا هو حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو نصٌّ في المسألة، وحُجَّةٌ في ذلك، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - صدَّر هذا الحديث بالنَّهي، فإنَّ "لا" ناهية؛ أي: أنهاكم أن تبيعوا.

قوله: (وَحَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ).

حديثُ عبادة أيضًا فيه: "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر،


(١) تقدم معناه.
(٢) أخرجه البخاري (٢١٧٧)، ومسلم (١٥٨٤).
(٣) انظر: "المغرب في ترتيب المعرب"؛ للخوارزمي (ص ٤٥٦)، وفيه: "لا يُباعُ غائبٌ بِنَاجِزٍ، أي: نسيئةٌ بِنَقْدٍ".

<<  <  ج: ص:  >  >>