للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والملح بالملح … " إلى أن قال: "مثلًا بمثلٍ، سواء بسواء، فمن زاد، أو استزداد؛ فقد أربى". وهذا الحديثُ جاء مُؤكَّدًا الآخِر (١).

قوله: (فَصَارَ الْجُمْهُورُ إِلَى هَذه الأحَادِيثِ؛ إِذْ كَانَتْ نَصًّا فِي ذَلِكَ).

واعلم أنَّه لم يَرِد عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تصريحًا، ولا ضِمنًا أنَّه أجاز ربا الفضل، إلَّا ما ورد من قوله: "لا ربا إلَّا في النسيئة" (٢)، أو "إنَّما الربا في النسيئة" (٣)، وقد سبق وذكرنا تأويله عند العلماء، ولهذا قال المؤلِّفُ:

(وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِنَصٍّ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ فِيهِ لَفْظَان؛ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ"، وَهَذَا لَيْسَ يُفْهَمُ مِنْهُ إِجَازَةُ التَّفَاضُلِ، إِلَّا مِنْ بَابِ دَلِيلِ الْخِطَابِ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا عَارَضَهُ النَّصُّ).

دليل الخطاب (٤): هو مفهوم المخالفة، وقد كرَّره المؤلف كثيرًا في هذا الكتاب، فقوله: "إنَّما الربا في النسيئة"؛ مفهومه بالمخالفة: أنَّ ربا الفضل والزيادة ليس ربا.


(١) أخرجه مسلم (١٥٨٧)، عن عبادة بن الصامت، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن بيع "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، إلَّا سواءً بسواءٍ، عينًا بعينٍ، فمن زاد، أو ازداد؛ فقد أربى".
(٢) أخرجه البخاري (٢١٧٨).
(٣) أخرجه مسلم (١٥٩٦).
(٤) قال الغزَّالي: "ومعناه الاستدلال بتخصيص الشيء بالذكر على نفي الحكم عمَّا عدَاه، ويُسمى مفهومًا؛ لأنَّه مفهوم مجرد لا يستند إلى منطوق، وإلَّا فما دل عليه المنطوق أيضًا مفهوم، وربما سُمِّي هذا دليل الخطاب، ولا التفات إلى الأسامي، وحقيقته؛ أنَّ تعليق الحكم بأحد وصفي الشيء يدل على نفيه عمَّا يخالفه في الصفة". انظر: "المستصفى" (ص ٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>