للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: الِجَهْلِ الْمُمَاثَلَةِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي بَيْعِ الْفِضَّةِ بِالْفِضةِ فِي ذَلِكَ، وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ).

فالعلة التي بنى عليها الشافعية والحنابلة مذهبهما: "جهل المماثلة"؛ لأنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "مثلًا بمثل"، وقال: "فمن زاد"؛ أي: أعطى الزيادة، "أو استزداد"؛ أخذ الزيادة "فقد أربى" (١)، وجاء في قصة القلادة التي وردت في "صحيح مسلم" وفي "سنن أبي داود"؛ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: "اشْتَرَيْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ قِلَادَةً بِاثْنَي عَشَرَ دِينَارًا، فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ، فَفَصَّلْتُهَا، فَوَجَدْتُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: "لَا تُبَاعُ حَتَّى تُفَصَّلَ" (٢).

ولقول ولثاني: (وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ كَانَ قِيمَةُ مَا فِيهِ مِنَ الذَّهَبِ، أَوِ الْفِضَّةِ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ جَازَ بَيْعُهُ - أَعْنِي: بِالْفِضَّةِ إِنْ كَانَتْ حِلْيَتُهُ فِضَّةً، أَوْ بِالذَّهَبِ إِنْ كَانَتْ حِلْيَتُهُ ذَهَبًا -، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ) (٣).

الإمام مالك يقول: إن كان هذا المُحلَّى يَقِلُّ عن المشترَى به، وكانت قيمةُ ما فيه من الذهب، أو الفضَّة الثلث، أو أقلَّ من الثلث؛ فيجوز.


(١) سبق تخريجه.
(٢) أخرجه مسلم (١٥٩١)، وأبو داود (٣٣٥١).
(٣) انظر: "الشرح الصغير"؛ للدردير (٣/ ٦٢)، وفيه: " (و) إذا بيع (بصنفه) زيد شرط رابع، أفاده بقوله: (إن كانت) الحلية تبلغ (الثلث) فدون".
قال الصَّاوي: "ولمَّا كان الأصل في بيع المُحلى المنع؛ لأنَّ في بيعه بصنفه بيع ذهب وعرض بذهب، أو بيع فضة وعرض بفضة، وبغير صنفه بيع وصرف في أكثر من دينار، وكل منهما ممنوع، لكن رُخص فيه للضرورة، كما ذكره أبو الحسن، عن عياض، وشرطوا لجواز بيعه هذه الشروط، فما كان ليس بمباح فليس من محل الرُّخصة؛ فلذا لا يُباع بالنقد إلَّا على حُكم البيع والصرف … وهل تعتبر التبعية بالقيمة؛ أي ينظر إلى كون قيمتها ثلث قيمة المُحلى بحليته، وهو المعتمد". انظر: "حاشية الصاوي على الشرح الصغير" (٣/ ٦٢، ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>