للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مثال ذلك: إنسان عنده سيف محلَّى بالذهب؛ فاشتراه شخصٌ بما يُقابل ألفًا وثلاث مئة من الذهب، فإذا كانت الآلة - غير الحُليِّ الذي عليها - تساوي ألفًا، فهذا لا يُمنع منه عند مالك - رحمه الله -؛ لأنَّ الذهبَ الذي حُلِّيَ به لا يتجاوز الثلثَ، وكذلك لو كان أقلَّ من الثلث، كالربع فهذا جائز عنده، فإن كان أكثر من الثلث؛ لم يجُز.

قال: (وَكَأنَّهُ رَأَى أَنَّهُ إِذَا كَانَتِ الْفِضَّةُ قَلِيلَةً لَمْ تَكُنْ مَقْصُودَةً فِي الْبَيْعِ، وَصَارَتْ كَأَنَّهَا هِبَةٌ).

القول والثالث: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِ السَّيْفِ الْمُحَلَّى بِالْفِضَّةِ إِذَا كَانَتِ الْفِضَّةُ أَكثَرَ مِنَ الْفِضَّةِ الَّتِي فِي السَّيْفِ، وَكذَلِكَ الْأَمْرُ فِي بَيْعِ السَّيْفِ الْمُحَلَّى بِالذَّهَبِ).

قال أبو حنيفة ذلك دون تقييد بالثلث، أو غيره، فلو أنَّ هذا الحُلي قيمتُه الثلث فأكثر فإنَّ البيع جائز؛ لأنَّ هذا مقابل الصنعة؛ أعني: صناعة السيف، أو نحوه (١)، وهذه مسألة تعرف عند الفقهاء بـ "مسألة دِرْهَمٍ وَمُدِّ عَجْوَةٍ"، والعجوة: هي التمر، وهي مسألة اعتبرها العلماء قاعدة فقهية: أن تبيع مُدَّ عجوة ودرهم بمدِّ عَجْوة، أو مدَّ عجوة ودرهم بدرهمين، أو نحو ذلك، هل هذا جائز أو لا؟ المسألة التي ذكرها المؤلف مثلها تمامًا (٢).


(١) انظر: "رد المحتار على الدر المختار"؛ لابن عابدين (٥/ ١٧٤)، حيث قال: " (قوله كيليٍّ) قيد به احترازًا عمَّا إذا اصطلح الناس على بيعه جُزافًا، فإنَّ التفاضل فيه جائز، ومثله قوله (وزنيٍّ)؛ فإنَّه احتراز عمَّا إذا لم يتعارفوا وزنه، أو عن بعض أنواعه؛ كالسيف اهـ؛ أي فإنَّ السيف خرج بالصنعة عن كونه وزنيًّا فيحل بيعه بجنسه متفاضلًا، بشرط الحول".
(٢) قال بدر الدين الزركشي: "مسألة مد عجوة: مأخذ المنع فيها أنَّ قضية العقد إذا اشتمل أحد طرفيه على مالين، وزع ما في الطرف الآخر عليهما باعتبار القيمة، وذلك يوجب "المفاضلة"، أو الجهل بالمثل". انظر: "المنثور في القواعد الفقهية" (٣/ ١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>