للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه مسألة أخرى في فقه المبادلة: إن كان العيب وُجد في المجلس قبل الافتراق فلا إشكال، لكن لو وُقف على العيب بعد ذلك بعد أن تفرقا، وتقابضا، هل يجوز الرد؟ بعضُ العلماء أجاز ذلك، واعتبر ذلك مجلسًا جديدًا، وبعضهم منع.

قوله: (وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَبْطُلُ الصَّرْفُ بِالرَّدِّ؟ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كثِيرًا) (١).

هذا الذي ذكره المؤلف عن مذهب أحمد مُجمل؛ فإنَّ في مذهبه تفصيلًا: إمَّا أن تكون الرداءة من جنس آخر دخيل على هذا الدِّرهم، وإمَّا أن تكون منه؛ فإن كانت من نوع الدرهم فالصحيح أنَّه لا أثر لذلك؛ كما لو كانت خشنة، أو كانت سوداء، وإن كانت دخيلة أثَّرت (٢).

قوله: (وَابْنُ وَهْبٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ يُجِيزُ الْبَدَلَ فِي الصَّرْفِ).

يعني أنَّ مذهب ابن وهب كمذهب أحمد في هذه المسألة (٣)


(١) لأحمد في المسألة روايتان. انظر: "الإرشاد إلى سبيل الرشاد"؛ لأبي علي الهاشمي البغدادي (ص ١٨٦)، قال فيه: "متى وجد المتصارفان، أو أحدهما بعد التفرق في أحد النقدين زيوفًا فعلى روايتين؛ إحداهما: يبطل الصرف كله، والرواية الأخرى: له البدل، والصرف صحيح".
(٢) انظر: "الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل"؛ للحجاوي (٢/ ١٢١)، وفيه: "وإن تصارفَا على عينين من جنسين ولو بوزن متقدم، أو إخبار صاحبه وظهر غصب، أو عيب في جميعه ولو يسيرًا من غير جنسه: كنحاس في الدراهم، والمس في الذهب؛ بطل العقد، وإن ظهر في بعضه؛ بطل العقد فيه فقط، فإن كان العيب من جنسه؛ كالسواد في الفضة، الخشونة وكونها تنفطر عند الضرب، أو أنَّ سكتها مخالفة لسكة السلطان؛ فالعقد صحيح، وله الخيار، فإن رده بطل، وإن أمسكه فله أرشه في المجلس".
(٣) انظر: "المنتقى شرح الموطإ"؛ لأبي الوليد الباجي (٤/ ٢٧٤)، وفيه قال: "وأمَّا النقص من جهة الصفة؛ كالعيب يجده في أحد عوضي الصرف، فإنَّه لا خلاف على المذهب نعلمه أنَّ من وجد ذلك ورضي به فإنَّ عقده لا يفسد به، فإن أراد رده، فهل له ذلك أم لا؟ المشهور من المذهب أنَّ البدلَ فيه غيرُ جائز، والصرفُ فيه =

<<  <  ج: ص:  >  >>