للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دراهم على الأول - فيتبادلان في ذلك، فيوفي الأول للثاني حقَّه بالدراهم، ويوفي الثاني للأول حقَّه بالدنانير؛ تنزيلًا للذمة الحاضرة منزلة العين الحاضرة.

قوله: (وَأَمَّا مَالِكٌ: فَأَقَامَ حُلُولَ الْأَجَلَيْنِ فِي ذَلِكَ مَقَامَ النَّاجِزِ بِالنَّاجِزِ) (١).

هذا هو معنى قولنا السابق: "جعل مالكٌ الذِّمةَ الحاضرةَ كالعين الحاضرة"، غير أنَّ المؤلف - رحمه الله - أوردها بعبارة أخرى، ومعنى "حلول الأجلين": من قولهم: "حلَّ الدَّينُ حُلُولًا"؛ إذا جاء وقتُ أدائه (٢) ومعنى "النَّاجِز بِالنَّاجِز": الحاضر بالحاضر (٣)؛ فمالِكٌ - رحمه الله - أقام وقتَ أداء الدَّين مقام الحاضر بالحاضر، وبمعنى أكثرَ وضوحًا: لما انتهى الأجلُ وأصبح كلٌ منهما يُوفِي صاحبه؛ نزل ذلك منزلة العين الحاضرة.

قوله: (وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَا حَالَّيْنِ مَعًا؛ لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ) (٤).


(١) انظر: "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد"؛ لأبي عمر بن عبد البر (٦/ ٢٩٠، ٢٩١)، وفيه قال: " … وقال الشافعي، والليث بن سعد: لا يجوز؛ لأنَّه دين بدين، واستدلوا بقول عمر: "لا تبيعوا منها غائبًا بناجزٍ"، قالوا: فالغائب بالغائب أحرى أن لا يجوز، ومن حجة مالك عليهما أن الدين في الذمة كالمقبوض".
(٢) انظر: "طلبة الطلبة"؛ للنسفي (ص ٦٥)، وفيه: "يقال: حل الدين يحل بالكسر، إذا مضى أجله، وهذا محل الدين أي وقت حلوله".
(٣) انظر: "طلبة الطلبة"؛ للنسفي (ص ٥٨)، حيث قال: "التنجيز تفعيل، من قولهم: ناجز بناجز، أي نقد بنقد خلاف الكالئ بالكالئ؛ أي النَّسيئة بالنسيئة، وأصله التعجيل، يقال: نجز الوعد من حدِّ: دَخَلَ، وأَنْجَزَه الواعدُ ونَجَزَ المالُ؛ أي صار نقدًا".
(٤) قال ابن عبد البر: "واختلفوا من معنى هذا الحديث أيضًا في أخذ الدراهم عن الدنانير؛ فقال مالك وأصحابه فيمن له على رجل دراهم حالة فإنَّه يأخذ دنانير بها، وإن كانت مؤجلة لم يجز أن يبيعها بدنانير، وليأخذ في ذلك عَرَضًا إن شاء، وإنَّما جاز هذا في الحال ومنعها في المؤجل فرارًا من الدين بالدين". انظر: "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد" (٦/ ٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>