للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقد "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الكالئ بالكالئ" (١). يعني: الدَّين بالدَّين (٢).

قوله: (وَبِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَابْنُ كنَانَةَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ) (٣).

أيَّد بعضُ المالكية؛ كابن وهبٍ، وابن كنانَةَ مذهبَ الجمهور - الشافعية والحنابلة -؛ لأنه أقرب إلى الدليل، وإن كان لم يرد في المسألة نصٌّ، لكنَّ النص يؤيد مذهبهم، وقد أقاموا مذهبهم كذلك على قاعدة سد الذرائع.

وأمَّا ما علَّل به المالكية مذهبهم، فهو تعليل ضعيفٌ في مواجهة حديث: "لا تبيعوا منها غائبًا بناجز"، فما بالكم أيُّها المالكية لو كان غائبًا بغائب؟!

قوله: (وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا اخْتِلَافُهُمْ فِي جَوَازِ الصَّرْفِ عَلَى مَا


(١) سبق تخريجه.
(٢) الكالئ بالكالئ: "أي الدين بالدين، وبيع الشيء المؤخر بالثمن المؤخر. وتفسيره أن يكون لرجل على آخر دين من بيع أو غيره، فإذا جاء لاقتضائه لم يجده عنده، فيقول له: بع مني به شيئًا إلى أجل أدفعه إليك، وما جانس هذا، ويزيده في المبيع لذلك التأخير، فيدخله السلف بالنفع". انظر: "مشارق الأنوار على صحاح الآثار"؛ للقاضي عياض (١/ ٣٤٠).
(٣) انظر: "إكمال المعلم بفوائد مسلم"؛ للقاضي عياض (٥/ ٢٦٤)، قال: " … فمذهب مالك وأصحابه جواز اقتضاء الدراهم ممَّن لك عنده دنانير حلت عليه، ومصارفته بها وإن لم يحضر الذهب، ولا بُدَّ من حضور الدراهم، وكذلك ذهب عن دين دراهم، وكذلك أجار أن يتصارف رجلان لأحدهما على الآخر دراهم، ولهذا على ذلك دنانير إذا حَلَّتا جميعًا، إذا تناجزا في جميع ذلك بالحين، وتراضيا في الحين على ما شاء من قليل وكثير.
وأجاز ذلك كله أبو حنيفة وأصحابه، حَلَّ الأجل أم لا، وراعوا في ذلك براءة الذمم. وأجاز ذلك الشافعي، والليث في اقتضاء أحدهما من الآخر، ومنعاه في الذهبين، وقاله ابن وهب، وابن كنانة وأصحابنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>