للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِبَادَةً غَيْرَ مَعْقُولَةِ المَعْنَى، وَشَذَّ زُفَرُ (١)، فَقَالَ: إِنَّ النِّيَّةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِيهَا، وَأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ الأوْزَاعِيِّ (٢)، وَالحَسَنِ بْنِ حَيٍّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ) (٣).

قَوْله: "غَيْرَ مَعْقُولَةِ المَعْنَى"، أي: أنها لا تُدْرَكُ بالعقل، فطبيعة التُّراب تختلف عن طبيعة الماء، فالمَاءُ من صفاتِهِ أنه يُنَظِّفُ، والتراب قد يَكُون على العكس من ذَلكَ، ولكن الله سبحانه جعله توسعةً لنا.

* قوله: (وَأَمَّا المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فَإِنَّ مَالِكًا -رضي الله عنه- اشْتَرَطَ الطَّلَبَ، وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي هَذَا: هَلْ يُسَمَّى مَنْ لَمْ يَجِدِ المَاءَ دُونَ طَلَبٍ غَيْرَ وَاجِدٍ لِلْمَاءِ، أَمْ لَيْسَ يُسَمَّى غَيْرَ وَاجِدٍ لِلْمَاءِ إِلا إِذَا طَلَبَ المَاءَ فَلَمْ يَجِدْهُ؟ لَكِنَّ الحَقَّ فِي هَذَا أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ المُتَيَقِّنَ لِعَدَمِ المَاءِ إِمَّا بِطَلَبِ مُتَقَدِّمٍ، وإِمَّا بِغَيْرِ ذَلِكَ هُوَ عَادِمٌ لِلْمَاءِ، وَأَمَّا الظَّانُّ فَلَيْسَ بِعَادِمٍ لِلْمَاءِ، وَلذَلِكَ يَضْعُفُ القَوْلُ بِتَكَرَارِ الطَّلَبِ الَّذِي فِي المَذْهَبِ فِي المَكَان الوَاحِدِ بِعَيْنِهِ، وَيَقْوَى اشْتِرَاطُهُ ابْتِدَاءً إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ عِلْمٌ قَطْعِيٌّ بِعَدَمِ المَاءِ).

قوله: "المسألة الثانية"، أي: بالنسبة لشروط التيمم، وهي اشتراط


(١) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (١/ ٥٢)، قال: "وقال زفر: ليست بشرط. وجه قوله: إن التيمم خلف، والخلف لا يخالف الأصل في الشروط، ثم الوضوء يصح بدون النية، كذا التيمم".
(٢) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (٢/ ١١)، قال: "وفيه قول ثالث حكي عن الأوزاعي أنه قال في الرجل يعلم الرجل التيمم وهو لا ينوي أن يتيمم لنفسه إنما علمه ثم حضرت الصلاة، قال: يصلي على تيممه كما أنه لو توضأ، وهو لا ينوي الصلاة كان طاهرًا … وبه قال الحسن بن صالح".
(٣) قال ابن حجر: "ثقة فقيه عابد رمي بالتشيع". انظر: "تقريب التهذيب" (٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>