للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطلب، فذهب مالك (١) والشافعي (٢)، وأحمد (٣) إلى اشتراط الطلب؟ ولم يشترطه أبو حنيفة (٤).

وسبب اختلافهم في هذا هو: هل يُسمَّى من لم يجد الماء دون طلب غير واجد للماء، أم ليس يسمى؟

فذهب الجمهور إلى أن عادم الماء لا بدَّ له من السعي في البحث عنه، فإن لم يجده انتقل إلى التيمم؛ لأنَّ التيمم ليس رخصةٌ، ولكنه ضرورة يُنْتقل إليها عند فَقْد الماء.

ولَا يَدْخل فى هذا غير القادر على استعمال الماء؛ كمَنْ به مرضٌ يضرُّه معه استعمال الماء، وكذلك الذي يخشى من استعماله لبَرْدٍ أو نحوه.

* قوله: (وَأَمَّا المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: وَهِيَ اشْتِرَاطُ دُخُولِ الوَقْتِ).

سَبَق أَنْ أشَرنا إلى أنَّ قول الله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: ٦] يدلُّ بظاهره على أنَّ الإنسان يجب عليه أن


(١) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (١/ ١٥٣)، قال: " (و) لزم (طلبه) أي: الماء (لكل صلاة) إن علم وجوده في ذلك المكان أو ظنه أو شك فيه، بل (وإن توهمه)، أي: توهم وجوده".
(٢) مذهب الشافعية، يُنظر: "غاية المحتاج" للرملي (١/ ٢٦٦)، قال: " (طلبه) مما توهمه حتمًا وإن ظن عدمه كما مرَّ، إذ التيمم طهارة ضرورة، ولا ضرورة مع إمكان الطهر بالماء، ولا بدَّ من وقوع الطلب في الوقت لانتفاء الضرورة قبله، وله استنابةٌ موثوقٌ به فيه بخلاف القبلة؛ لكونها مجتهدًا فيها، وما هنا محسوس، ولا يكفي بلا إذنٍ، أو بإذن ليطلب له قبل الوقت، أو أذن له قبله وأطلق، فطلب له قبله أو شاكًّا فيه".
(٣) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٩٤)، قال: "فإن تيمم قبل الطلب، لم يصحَّ؛ لقوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}، ولا يقال: لم يجد إلا لمَنْ طلب، ولاحتمال أن يكون بقربه ماء لا يعلمه، وسواء تحقق وجوده أو ظنه، أو ظن عدمه، أو استوى عنده الأمران (ما لم يتحقق عدمه) أي: الماء، فلا يلزمه طلبه؛ لأنه لا أثر له".
(٤) يُنظر: "المبسوط" للسرخسي (١/ ١٩٥)، قال: " (فأما إذا لم يكن مع أحد من الرفقة ماء، وتيمم وصلى، جازت صلاته، وإن لم يطلب الماء عندنا) ".

<<  <  ج: ص:  >  >>