(١) ظاهر كلام الشارح أنَّه سوَّى في السلم بين البيض وغيره ممَّا لا يكال ولا يوزن، إلا أن الأحناف فرَّقوا في السلم بين البيض وغيره؛ كالرمان، والبطيخ، والسفرجل، والخيار، فعندهم يجوز السلم في البيض، ولا يجوز في هذه الأشياء، كما سبق تحريره. قال الحدادي: "والمعدودات التي لا تتفاوت كالجوز، والبيض يجوز السلم فيها عندنا، والصغير، والكبير فيها سواء باصطلاح الناس على إهدار التفاوت فيها، بخلاف البطيخ، والقثاء، والرمان لتفاوت آحاده، أَلَا ترى أنَّه لا يقال هذه البيضة بكذا، وهذه بكذا، وكذا الجوز". انظر: "الجوهرة النيرة على مختصر القدوري" (١/ ٢١٧). أمَّا نَقْلُ المؤلفِ عن أبي حنيفة أنَّه لا يُجيز في البيض السلم؛ فهذا ليس على إطلاقه، بل هو في نوع مخصوص، وهو بيض النعام. قال السرخسي: "وروى الحسن عن أبي حنيفة - رحمهما الله تعالى - أنَّه لا يجوز السلم في بيض النعام؛ لأنَّه تتفاوت آحاده في المالية". انظر: "المبسوط" (١٢/ ١٣٦). أمَّا عموم البيض فذهب أبو حنيفة، وصاحبيه: إلى جواز السلم فيه، وخالفهم زفر. انظر: "مختلف الرواية"؛ للسمرقندي (٣/ ١٥٠٨)، وفيه: "قال زفر: إذا أسلم في الجوز والبيض عددًا، لا يجوز، وعندنا: يجوز. له: إنَّها تتفاوت في الصغير والكبير، فلا يرتفع التفاوت إلَّا بالوزن. لنا: إنَّه عددي متقارب، لا تجري فيه المنازعة، ولهذا يضمن بمثله عند الإتلاف، فيجوز السلم فيه. وجواز السلم هو المعتمد من مذهب الأحناف". انظر: "مختصر القدوري" (ص ٨٨)، وفيه: "السلم جائز في المكيلات، والموزونات، والمعدودات التي لا تتفاوت؛ كالجوز، والبيض". (٢) انظر: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف"؛ للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٥٧٠)، حيث قال: "السَّلم في اللحم جائزٌ، خلافًا لأبي حنيفة لعموم الخبر؛ ولأنَّه يضبط بالصفة من جنس الحيوان، ونوعه، وسماته، ومواضع أخذه، فهو كسائر العروض؛ ولأنَّه طعامٌ فأشبه البر". (٣) انظر: "البيان في مذهب الإمام الشافعي"؛ للعمراني (٥/ ٤١٩)، قال فيه: "ويصح السلم على اللحم؛ لأنَّه يمكن ضبط صفاته، فجاز السلم عليه، كالثمار".