للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا اشتراط ذلك؛ فالجمهور (الأئمة الثلاثة: مالك (١)، والشافعي (٢)، وأحمد (٣)، وصاحبا أبي حنيفة (٤)) على أنَّ مكان القبض ليس شرطًا؛ واستدلوا بحديث: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أسلف لرجل من اليهود دنانير في تمرِ كيلٍ مُسمَّى إلى أجل مُسمًّى، وقال اليهودي: من تمر حائط بني فلان. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أمّا من تمر حائط بني فلان؛ فلا، ولكن كيل مسمى إلى أجل مسمى" (٥).

فهذا اليهودي أراد أن يُحدد المكان، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لكن كيل مسمى إلى أجل مسمى"، إذًا اشتراط المكان لم يرد.


(١) انظر: "النوادر والزيادات"؛ لابن أبي زيد (٦/ ٦٧)، وفيه قال: "ومن سلف، ولم يذكر موضع القضاء، لم يضره ذلك، وهذا ممَّا لا يحتاج إلى ذكره، وليوفه بموضع التبايع في سوق تلك السلعة، فإن لم يكن لها سوق، فحيث ما وفاه من البلد أجزأه".
(٢) انظر: "التنبيه في الفقه الشافعي"؛ للشيرازي (ص ٩٨)، وفيه قال: "وإن أسلم مؤخرًا في موضع لا يصلح للتسليم وجب بيانه، وموضع التسليم، وإن كان في موضع يصلح فيه التسليم، فقد قيل: لا يجب بيانه، ويجب التسليم في موضع العقد. وقيل فيه قولان؛ أحدهما: يجب بيانه. والثاني: لا يجب".
(٣) انظر: "الروايتين والوجهين"؛ لأبي يعلى ابن الفراء (١/ ٣٥٩)، قال فيه: "واختلفت فيه إذا ذكر في عقد السلم شرط موضع قبض السلم هل يصح الشرط أم لا؟ فنقل ابن منصور: جواز ذلك.
ونقل مهنا: إذا شرط في السلف توفيته ببغداد لم يصح هذا الشرط، وعليه توفيته حيث أسلف، ولا تختلف الرواية أنَّه لا يجب ذكر الموضع في عقد السلم. وجه الأولى: أنَّه عقد بيع فجاز شرط مكان القبض فيه، دليله بيع الأعيان.
ووجه الثانية: أنَّه لم يجز أن يسلم إليه في ثمرة بعينها، ولا في مكيال بعينه، ولا في ذراع بعينه لما يدخله من الغرر، وهو فقد المكيال، والثمرة كذلك لا يجوز اشتراط بقعة بعينها، لجواز تعذر القيض فيها".
(٤) سبق ذكرهما.
(٥) أخرجه ابن ماجه (٢٢٨١)، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده" (١٣/ ٤٨٣). وضعف إسناده الألباني في "إرواء الغليل" (٥/ ٢١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>