للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ (١)، قَالُوا: وَلَيْسَ يُحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ نَصٌّ، إِلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَهُ بَيْعُ الْجُزَافِ، إِلَّا فِيمَا يَعْظُمُ الْغَرَرُ فِيهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَذْهَبِهِ) (٢).

قوله: (وَيَنْبَغِي أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ التَّقْدِيرَ فِي السَّلَمِ يَكُونُ بِالْوَزْنِ فِيمَا يكونُ فِيهِ الْوَزْن، وَبِالْكَيْلِ فِيمَا يكونُ فِيهِ الْكَيْل، وَبِالذَّرْعِ فِيمَا يكونُ فِيهِ الذَّرْع، وَبِالْعَدَدِ فِيمَا يكونُ فِيهِ الْعَدَدُ).

لكنْ هل يجوز أن يُوزن ما يُكال، أو يُكال ما يوزن؟ فيه خلاف: فبعض الفقهاء قالوا: ما يكال لا يستعمل فيه إلَّا الكيل، وما يوزن لا يكون فيه إلَّا الوزن. وبعضهم أجاز ذلك؛ لأنَّ الكل يَضبِط القدر، ثم هذه تختلف باختلاف الناس وعاداتهم، فقد تجد هذه البضاعة في بلد تُكال، وفي غيره توزن؛ كالحليب، ولا شكَّ أنَّ العادة محكَّمة في التعامل، فما اصطلح عليه أصحاب الصنعة هو المُعتبر في هذا المَقام، فمثلًا الحلبة تُكال، والسكر يُوزن، هذا اصطُلح عليه، وهكذا (٣).


(١) انظر: "درر الحكام"؛ لمنلا خسرو (٢/ ١٩٥، ١٩٦)، قال فيه: " (وقدر رأس المال في الكيلي والوزني والعددي) يعني يشترط بيان قدر رأس المال، وإن كان مشارًا إليه فيما يتعلق العقد على مقداره كالمكيل والموزون والمعدود (المتقارب) كالجوز والبيض، وقالا: لا يشترط معرفة القدر بعد التعيين بالإشارة".
(٢) انظر: "عيون المسائل"؛ للقاضي عبد الوهاب (ص ٤٢٢)، وفيه قال: "اختلف في رأس مال السلم، فقال أبو حنيفة: لا يجوز السَّلَم، إِلَّا بعد معرفة مقدار رأس المال في المكيل، والموزون، والمعدود. وقال أبو يوسف، ومحمد: يجوز العقد على ما كان معينًا، وإن لم يعرف قدره، وبه قال الشّافعيّ في أحد قوليه، والآخر مثل قول أبي حنيفة. وقال القاضي أبو الحسن: لا أعرف فيه نصًّا في مذهبنا، غير أنَّ مالكًا يُجوِّز بيع المكيل، والموزون، والمعدود الّذي لا يكثر فيه الخطر جزافًا".
(٣) انظر في مذهب الأحناف: "التجريد"؛ للقدوري (٥/ ٢٣٢٩)، قال فيه: "قال أصحابنا: المكيلات المنصوص عليها: مكيلة أبدًا، لا يجوز بيع بعضها ببعض إلَّا كيلًا، والموزونات المنصوص عليها: موزونة أبدًا، وما لم ينص على تحريم التفاضل فيه كيلًا، ولا وزنًا: فالمرجع فيه إلى عادة الناس". =

<<  <  ج: ص:  >  >>