للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيرى جمهور الفقهاء أنَّ المُسلِمَ بالخيارِ بين أن يأخُذَ الثَّمن، أو ينتظر إلى العام الذي بعده، فيأخذ المُسلمَ فيه؛ لأنه عندما قدم رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وهم يسلفون في الثمار السنتين والثلاث (١)، وافقهم، ولم ينكر عليهم ذلك الصنيع والعمل.

قوله: (وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَابْنُ القَاسِم (٢) وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ العَقْدَ وَقَعَ عَلَى مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ، فَهُوَ بَاقٍ عَلَى أَصْلِهِ).

لأن عقد السَّلَم هو عقد وقع على موصوفٍ في الذمة، فأنت تدفع عوضًا حالًّا في عوضٍ موصوفٍ مؤجلٍ في الذمة، أي: أنك تدفع دراهم أو دنانير على أساس أَن يقدم لك هذا الإنسان ثمرة أو بضاعة من البضائع يخرجها مصنعه، أو بضائع يأتي بها التاجر، فإذا جاء وقت التسليم لا تكون البضاعة موجودة، فالجمهور على أنه لا يمنع تأجيل ذلك إلى العام الذي يليه حتى يكون المُسلمُ فيه حاضرًا موجودًا.

قوله: (وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ جَوَازِهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ ثِمَارِ هَذِهِ السَّنَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيءٌ شَرَطَهُ المُسْلِم، فَهُوَ فِي ذَلِكَ بِالخِيَارِ).

فإذا اختار المُسْلِمُ أن يأخُذَ السلعة في العام الذي يلي العام الذي تعذَّر فيه وجود السلعة، فهذا جائز، وليس من بيع الدَّيْنِ بالدَّيْنِ


= لم تحمل الثمار تلك السنة وما أشبهه خير) المسلم (بين صبر) إلى أن يوجد المسلم فيه فيأخذه (و) بين (فسخ في الكل) المتعذر (أو البعض المتعذر، ويرجع برأس مال) ".
(١) أخرجه البخاري (٢٢٤٠)، ومسلم (١٦٠٤). عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، قال: قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وهم يسلفون بالتمر السنتين والثلاث، فقال: "مَنْ أسلف في شيءٍ، ففي كيلٍ معلومٍ، ووزنٍ معلومٍ، إلى أجلٍ معلومٍ".
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ٣٤٠) حيث قال: "قال ابن القاسم: وأنا أرى أنه بالخيار، إن شاء أن يؤخره بما بقي عليه من الفاكهة إلى قابل أخَّره، وإنْ شاء أخذ بقية رأس ماله".

<<  <  ج: ص:  >  >>