للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحقيقة أنه بالخيار.

وخلاصة القول: أن المسلم دافع الثمن مخير بين أمرين: إما أن ينتظر إلى العام الذي يأتي ويأخذ حقه ثمرة مثلًا أو بضاعةً، وإما ألَّا يريد ذلك، فيدفع إليه المسلم إليه حقه، يرد إليه ماله.

قوله: (وَاضْطَرَبَ قَوْلُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللّهُ فِي هَذَا) (١).

وهذه من مزايا المؤلف، فإنه في مواقفَ كَثِيرةٍ لا يستحي أن ينقد مذهبه إذا رأى أن الحقَّ في غيره، فهو هنا يقول: اضطرب مذهب مالك، ولا شك أنه يرى أن مذهب الجمهور أولى في هذه المسألة، وأقرب أيضًا إلى الحديث؛ لأن الحديث صريح الدلالة بمذهب الجمهور.

قوله: (وَالمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي هَذه المَسْأَلَةِ مَا رَآهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَابْنُ القَاسِمِ).

أي: ما رآه أبو حنيفة والشافعي وأحمد وابن القاسم.

والمؤلف في هذه المسألة ترك مذهبه الذي نشأ وترعرع فيه، وبدأ في دراسته صغيرًا حتى شب عليه، وأصبح رجلًا سويًّا، فطلب العلم، فصار عالمًا من العلماء الذين يشار إليهم، وواجب كل طالب علم أن يكون مع الحق أينما كان؛ سواء كان هذا الحق في مذهبه الذي درسه وتعلمه، أو كان في غيره؛ لأنه دائمًا ينبغي الرجوع إلى القول الذي يعضده دليلٌ من كِتَابٍ أو سُنَّةٍ، هذا هو الذي ينبغي أن يقف الإنسان عنده، فأن تعض على نواجذك بدليل في كتاب الله أو في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنِعْمَ ما تفعل، لكن


= المسلم فيه حتى انقطع وخرج إبانة، وأعوز وجوده، فالمسلم بالخيار في الفسخ أو الإبقاء إلى عام ثان. وإن قبض البعض ثم انقطع، فقال مالك: ((يتبعه إلى عام قابل))، ثم قال: ((لا بأس بأخذ بقية رأس ماله))، واختلف أصحابه وأصحابهم، فقال سحنون: يجب التأخير".
(١) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ٣٤٠) حيث قال: "اختلف قول مالك وأصحابه فيمن سلم في فاكهة فانقضى أيامها قبل أن يستوفي ما أسلم فيه منها".

<<  <  ج: ص:  >  >>