للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها: إنها جاءت على خلاف القياس، بمعنى أنها مستثناة، وقضية "جاءت على خلاف القياس" فيها كلام لبعض العلماء (١) أنها لم تجئ على خلاف القياس؛ لأنه لا يوجد قياس صحيح ينافي دليلًا صحيحًا؛ لأن العقل السليم لا يتعارض مع النص، هذا شيء مضطرب، لكن هل ندرك ذلك أو لا ندركه؟ فبعض العلماء (٢) يرى أن هذه المسائل أو هذه الكتب (السَّلم والإجارة والجعالة والمضاربة (٣) إلى غير ذلك)، إنما جاءت على وفق القياس، وليس مخالفةً له.

قوله: (مَسْأَلَة: اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي بَيْعِ المُسْلَمِ فِيهِ إِذَا حَانَ الأَجَلُ مِنَ المُسْلَمِ إِلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِهِ).

فلو أن إنسانًا أسلم إلى إنسان، فجاء وقت التسليم والبضاعة موجودة، هل يجوز أن تبيع هذه البضاعة التي عملها لك المصنع - أو أحضرها لك التاجر أو الثمرة التي قطفها صاحبها ووضعها بين يديك أو موجودة وأنت بعد لم تتسلمها - أو لا؟ وقد مرَّ بنا الحديث المتفق عليه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ابتاع طعامًا، فلا يبعه حتى يستوفيه" (٤)، وفي رواية أخرى: "مَن ابتاع (يعني: اشترى) طعامًا، فلا يبعه حتى يقبضه" (٥)، أي: يأخذه إلى حوزته، فإذا تسلَّمت البضاعة ونقلتها إلى حوزتك، جاز


(١) قال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (١/ ٣٠١): "أما السلم فمن ظن أنه على خلاف القياس، توهم دخوله تحت قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تبع ما ليس عندك"، فإنه بيع معدوم، والقياس يمنع منه، والصواب أنه على وفق القياس، فإنه بيع مضمون في الذمة، موصوف مقدور على تسليمه غالبًا، وهو كالمعاوضة على المنافع في الإجارة".
(٢) تقدم.
(٣) المضاربة: معاقدة دفع النقد إلى من يعمل فيه على أن ربحه بينهما على ما شرطا مأخوذ من الضرب في الأرض وهو السير فيها، سُمِّيت بها لأن المضارب يضرب في الأرض غالبًا للتجارة طالبًا للربح في المال الذي دفع إليه. يُنظر: "طلبة الطلبة" للنسفي (ص ١٤٨).
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) أخرجه البخاري (٣/ ٦٨)، ومسلم (١٥٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>