للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باعه إلى المُسْلَم إليه، فبيعه فيه شبهة؛ لأنه ربما أقاله ليبيعه إياه وهكذا، لكن إذا باعه من غيره اختلفت الصورة.

قوله: (فَيَجُوزُ بِكُلِّ شَيْءٍ يَجُوزُ التَّبَايُعُ بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ طَعَامًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ) (١).

ما لَمْ يكن طعامًا، لأن التبايع بالطعام قد مرَّ، وأعاد المُؤلِّف الحَديثَ عن هذه المسألة مرات، لأنه ورَد فيها الحديث المتفق عليه: "مَن ابتاع طعامًا، فلا يبيعه حتى يستوفيه" (٢)، والمراد: يقبضه، كما في الرواية الأخرى: "حتى يقبضه" (٣).

قوله: (وَأَمَّا الإِقَالَةُ: فَمِنْ شَرْطِهَا عِنْدَ مَالِكٍ أَلَّا يَدْخُلَهَا زِيَادَةٌ وَلَا نُقْصَانٌ) (٤).

انتقل المؤلف إلى الحديث عن الإقالة، ودخل في شروطها مباشرة، ولعله بنى كلامه على أن الإقالة مرت في مسائل أخرى في البيع، ومرَّ بنا كلام العلماء في الإقالة، وأنهم مجمعون على جوازها في السَّلَم، ولا خلاف بينهم، وَلكن الخلاف فيما مضى في البيع، هل هي فسخٌ أو بيعٌ؟ وقد رجَّحنا هناك - ونكرر ما رجحناه - أن الإقالة فسخ، فإذا جاء المسلِم إلى المسلَم إليه، وقال: أقلني من هذه البيعة ورُدَّ إليَّ السَّلم، فهل له ذلك؟ نقول: الإقالة جائزة، بك جاءت أحاديث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - تحثُّ عليها، وتُرغِّب فيها كما سيأتي.


(١) يُنظر: "التفريع" لابن الجلاب (ص ٨٦) حيث قال: "ومن أسلم في عرض ثمنًا معلومًا، فلا بأس أن يبيعه من بائعه قبل قبضه بمثل ثمنه أو أقل منه. ولا يجوز أن يبيعه بأكثر من الثمن الذي أسلمه إليه فيه، ولا بأس أن يبيعه من غير بائعه بمثل ثمنه أو أقل منه أو أكثر يدًا بيد، ولا يجوز أن يؤخر ثمنه".
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم تخريجها.
(٤) تقدم في مسألة بيوع الآجال.

<<  <  ج: ص:  >  >>