للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية، وأنَّ قَوْله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} أي: إذا أردتم القيام إلى الصلاة، أو إذا قمتم محدثين؟

فالجمهور (١) على أن الأمر بالتطهُّر عند القيام للصلاة، وإنَّما استُثْنِيَ الوضوء بفِعْلِ الرَّسُول (٢) -صلى الله عليه وسلم-، ثم بالإجماع (٣) كما سبق بيان ذلك، ولا يصح قياس التيمُّم على الوضوء؛ لأنَّ التيمم إنما أُبيحَ لأجل الصلاة عند عدَم وجود الماء أو العجز عن استعمالِهِ، فإباحة التيَمُّم إنَّما هي للحاجة، وأمَّا الوُضُوء فهو شرطٌ في صحة الصلاة، والذي يظهر -والله أعلم- قوة مذهب الجمهور في هذه المسألة.

* قوله: (فَلِذَلِكَ الأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فِي هَذَا: إِنَّ سَبَبَ الخِلَافِ فِيهِ هُوَ قِيَاسُ التَّيَمُّمِ عَلَى الصَّلاةِ، لَكِنَّ هَذَا يَضْعُفُ، فَإِنَّ قِيَاسَهُ عَلَى الوُضُوءِ أَشْبَهُ، فَتَأَمَّلْ هَذِهِ المَسْأَلَةَ، فَإِنَّهَا ضَعِيفَةٌ، أَعْنِي: مَنْ يَشْتَرِطُ فِي صِحَّتِهِ دُخُولَ الوَقْتِ، وَبَجْعَلُهُ مِنَ العِبَادَاتِ المُؤَقَّتَةِ، فَإِنَّ التَّوْقِيتَ فِي العِبَادَةِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِدَلِيلٍ سَمْعِيِّ، وَإِنَّمَا يَسُوغُ القَوْلُ بِهَذَا إِذَا كَانَ عَلَى رَجَاءٍ مِنْ وُجُودِ المَاءِ قَبْلَ دُخُولِ الوَقْتِ، فَيَكُونُ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ أَنَّ


(١) يُنظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (١/ ٢٦٩)، قال: " … لأن الوضوء كان لكل فرض؛ لقوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ}، والتيمم بدل عنه، ثم نسخ ذلك في الوضوء بأنه -صلى الله عليه وسلم- صلى يوم الفتح خمس صلوات بوضوء واحد، فبقي التيمم على ما كان عليه، ولما روى البيهقي بإسناد صحيح عن ابن عمر قال: "يتيمم لكل صلاة وإن لم يُحْدث".
(٢) أخرجه مسلم (٥٦٣)، عن بريدة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد، ومسح على خفيه، فقال له عمر: لقد صنعتَ اليوم شيئًا لم تكن تصنعه! قال: "عمدًا صنعتُهُ يا عمر".
(٣) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (١/ ٢٢٣)، قال: "وقد أجمع أهل العلم على أن لِمَنْ تطهر للصلاة أن يصلى ما شاء بطهارته من الصلوات إلا أن يُحْدث حدثًا ينقض طهارته، وكان زيد بن أسلم يقول: نزلت الآية يعني قوله: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} يعني: إذا قمتم من المضاجع يعني: النوم".

<<  <  ج: ص:  >  >>