للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٧)} [النحل: ٩٧] يحييهم الله تعالى في هذه الحياة الدنيا حياةً طيبةً، فيها السعادة والفلاح، وفيها راحة النفس وطُمَأنينة القلب، أما في الآخرة فإن الله - سبحانه وتعالى - يدخلهم جنةً عرضها السماوات والأرض أُعدَّت للمتقين.

قوله: (مَسْأَلَة: أَجْمَعَ العُلَمَاءُ (١) عَلَى أَنَّهُ إذا كانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ إِلَى أَجَلٍ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ عِنْدَ الأَجَلِ وَبَعْدَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَخْذُهَا).

فإذا كان لإنسانٍ على إنسانٍ دراهم أو دنانير، ومنها المسلم فيه، فما حكم ذلك؟

هذَا يدخل في حَالٍ من أحوال ثلاثة: إما أن يردها إليه في وقتها، وحينئذٍ يلزمه أخذها، وإما أن يردها إليه قبل وقتها، وهذا في ظاهره عمل طيب، ولكنه لا يخلو من أمور: إن كان الذي يرده إليه قبل وقته لا يؤثر عليه كأن يعطيه المسلم فيه، ويكون حديدًا أو خشبًا أو نحاسًا، وغير ذلك مما لا يفسد ولا يتأثر، فعليه أن يقبله شريطة ألا يتضرر بذلك، أما إن كان ما يأتي به قبل وقته مما فيه نضارة، أي: مما يمكن أن يتطرق إليه الفساد كالفاكهة، أو يخشى هلاكه كأن يكون حيوانًا، والمُسلِمُ لم يحتج إليه بعد، ولكنه يحتاج إليه في وقت قادم، فإذا جاء به إليه قبل وقته خشي هلاكه، وقد يتحمل الإنفاق عليه أيضًا وهو لا يحتاجه، فحينئذٍ لا يلزمه أَخْذه، وبعض العلماء يجيز ذلك، وبعضهم لا يرى ذلك.


(١) يُنظر: "رد المحتار" لابن عابدين (٦/ ٧٥٧) حيث قال: "الدين إذا كان مؤجلًا، فقضاه المديون قبل حلول الأجل، يُجْبر الدائن على القبول".
وينظر: "التاج والإكليل" للمواق (٤/ ٥٤١) حيث قال: "وكذا مَنْ عليه دين من عين، جاز أن يعجله قبل أجله، ويلزم مَنْ هو له قبضه".

<<  <  ج: ص:  >  >>