للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النفس إليها، فلو أخذها وأبقاها عنده فسوف تتغير، وربما تفسد، فحينئذ لا يلزم بأخذها إذا جيء إليه بها قبل الوقت المحدد لتسلمها.

قال: (كَالنُّحَاسِ، وَالحَدِيدِ).

كل شيءٍ لا يتغير كالنُّحَاس والحديد والرصاص، وكذلك الخشب يلزمه أخذه إذا لم يلحقه ضررٌ، فلو أنه جيء له بأطنانٍ من الحديد قبل محلِّ الأجل وهو لم يهيئ مكانًا بعد، فَحِينَئذٍ سيلحقه ضرر بذلك؛ لأنه إن لزمه سيذهب ويستأجر لها أماكنَ.

قوله: (وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ النضَارَةُ كَالفَوَاكِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ).

لأنها مما تتغير ويتطرق إليه الفساد، ومثلها لو جاءه بقمح قبل وقته وهو لا يحتاجه وقتها، أو جاءه بقمح قديم وهو يريده جديدًا، أو جاءه بخروف قبل وقته وهو يريد أن يدعو عليه أناسًا بعد شهر وهو جاءه قبل شهر، فهو يحتاج في هذه الحالة أن ينفق عليه، وربما يهلك، فعليه أن يأتي به في وقته.

قوله: (وَأَمَّا إِذَا أَتَى بَعْدَ مَحِلِّ الأَجَلِ، فَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ أَصْحَابُ مَالِكٍ: فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَبْضُه، مِثْلُ أَنْ يُسْلِمَ فِي قَطَائِفِ الشِّتَاءِ، فَيَأْتِي بِهَا فِي الصَّيْفِ (١)، فَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَجَمَاعَةٌ: لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ) (٢).

وهذه اختلف العلماء، فيها فرُوِيَ عن مالكٍ أنه يلزمه قبضها، ورُوِيَ عن غيره أنه لا يلزمه قبضها.


(١) يُنظر: "الذخيرة" للقرافي (٥/ ٢٨٣) حيث قال: "إذا أسلم في كباش ليأخذها في أيام الأضحية، فأتاه بعد الأضحى، قال مالك: يلزمه قبولها، وكذلك في قطائف الشتاء فأتى بها في الصيف؛ لأنه مبيع أوجبه العقد".
(٢) يُنظر: "الذخيرة" للقرافي (٥/ ٢٨٣) حيث قال: "وقال ابن وهب: لا تلزمه لفوات المنفعة التي أسلم لأجلها، ووافقه في الكراء اللخمي إذا أتاه بعد إبان الحج لا يلزمه عندهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>