للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "تَزوَّجوا الودود الولود؛ فإني مكاثرٌ الأمم بكم يوم القيامة" (١)، و"النكاح سُنَّة، فمن رغب عن سُنَّتي فليس مني" (٢)، فلما كان مصير البيع اللزوم، نجد أن هذه الشريعة أباحت له الخيار حتى لا يندم المسلم، ولا يتألم، ولا يتحسر.

فمُدَّة الخيار هي فرصة لكلٍّ من المتبايعين، فللبائع أن يتراجع عن بيعه في هذه المدة، وللمشتري أيضًا أن يعدل عن الشراء، إذًا هو وقت خيار إلا إذا كان الخيار لأحدهما، وهذا جائز، فربما يشترط المشتري الخيار ولا يشترط البائع، فإذا قال المشتري: لي الخيار، فعلى البائع أن يعطيه الفرصة، فالشرط هنا للمشتري.

قوله: (وَمِمَّنْ ضَمَانُ المَبِيعِ فِي مُدَّةِ الخِيَارِ؟)، مرَّ بنا فيما مضى أن المُشتري هو الذي يضمن بعد قبض السلعة، وَجَاءَ فِي ذلك حَديثٌ أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن اشْتَرى طعامًا، فلا يبعه حتى يقبضه" (٣)، فدل ذلك على أن المبيع يكون في مِلْكِ المشتري عند قبضه.

ولذلك، فقد ذكر العلماء أنه لو تلف المبيع وهو لم يقبض، فهو من ضمان البائع، وإنْ تلف بعد قبضه، فهو من ضمان المشتري، وقد مرَّ بنا كيف فَرَّقوا بين المكيل والموزون والمعدود وبين غيره، وبيَّنوا أن كلَّ قَبْضٍ بحَسَبه، المكيل والموزون والمعدود، المكيل قبضه بالكيل، والموزون بالوزن، والمعدود بالعَدِّ، والمنقول بالنقل، وأما مَا لا يُنْقل كالأراضي، فإنه يتمُّ قبضها برفع البائع يده عنها، وقَدْ مرَّ بنا هذا في بيع الثمار.

قَوْله: (وَهَلْ يُورَثُ الخِيَارُ أَمْ لَا؟)، فإذا كان لرجلٍ خيار فتُوفِّي، هل ينتقل الخيار إلى ورثته أو يسقط بموت صاحب الخيار؟

قوله: (وَمَنْ يَصِحُّ خِيَارُهُ مِمَّنْ لَا يَصِحُّ؟)، هل الخيار عام أو


(١) أخرجه أبو داود (٢٠٥٠)، وصححه الأَلْبَانيُّ في "التعليقات الحسان" (٦/ ١٧٠).
(٢) أخرجه البخاري (٧/ ٢)، ومسلم (٢/ ١٠٢٠).
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>