توقع وقوع ضرر، وهذا أمر متوقع وليس حقيقيًّا، يعني هذا الذي ذكروه ربما يقع، وربما لا يقع، فالضرر هنا غير متحقق، والشريعة الإسلامية تدفع الضرر المتحقق، أما مجرد الظن أو الوهم فلا تأثير له في ذلك، والشريعةُ الإسلاميةُ بُنيَتْ على مصالحَ، وإذا كانت هناك مصلحتان، فيؤخذ بأعلى المصلحتين، إذًا فالمصلحة أيهما أولى؟ هذا لو لم يرد في ذلك حديث، فكيف وقد ورد في ذلك حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قضية معينة.
وَدَعْوى أن ذلك خاص بـ "حبَّان" هذا، يحتاج إلى دليل؛ لأن الأصل في الأحكام أنها إذا جاءت، فهي عامة حتى لا تخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا بدليل كما في قوله تعالى:{خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}[الأحزاب: ٥٠]، إذًا، هذا خاص برسول الله - صلى الله عليه وسلم - {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}[البقرة: ٢٠٧] في نعيم بن مسعود (١)، إذًا كونها تخص، هذا يحتاج إلى دليل.
ولا شك أن الأصل في البيع هو اللزوم، لكن متى يكون من اللزوم؟ بعد أن يتم العقد، أما قبل ذلك فلا يكون لازمًا، ونحن نعرف بأن العقود أنواع، وأيضًا النكاح عقد لازم، لكن ليس فيه خيار؛ لأنه لا يقصد به المعاوضة، فالمقصود به أكرم من ذلك وأجل، وإنْ كانت المُعَاوضةُ واردةً وهو المهر، والإجارة هي عقد لازم، لكنه يفصل القول فيها، فرق بين
(١) لعل المراد صهيب بن سنان. انظر: أسباب النزول، للواحدي (ص ٦٧).