للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: [(وَأَمَّا مِمَّنْ ضَمَانُ المَبِيعِ فِي مُدَّةِ الخِيَارِ، فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ:

فَقَالَ مَالِكٌ (١)، وَأَصْحَابُه، وَاللَّيْث، وَالأَوْزَاعِيُّ (٢): مُصِيبَتُهُ مِنَ البَائِعِ، وَالمُشْتَرِي أَمِينٌ)].

وهذه مسألةٌ رابعةٌ: مَن الذي يضمن المبيع؟ والمراد في وقت الخيار، والمراد أيضًا عندما يُنْقل المبيع إلى ذمة المشتري يكون أمانةً عنده، فلو كان في حوزة البائع وحصل به شيءٌ، فهو عنده كما مرَّ بنا في الأحاديث الصحيحة المتفق عليها أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن اشترى طعامًا فلا يبعه حتى يقبضه" (٣)، لماذا؟ لأنه لو حصل فيه ذَهَابٌ قبل القبض، فَمَن الذي يضمنه؟ يضمنه البائع؛ لأنه ما زال في حوزتِهِ، فالمَبيع الذي اتفق على خيار الشرط فيه قد قبضه المشتري، لكن قبضه إياه ليس قبضَ شراءٍ، وإنما هو أمانةٌ عنده؛ لينظرَ فيه، ويدققَ فيه ويعرفه، فما الحكم إذا نزلت به مصيبةٌ، إذا ذهب، ضاع، غرق، احترق، وغير ذلك، فَمَن الذي يضمنه؟ هل هو البائع أو المشتري؟ فيه خلافٌ بين العلماء سيذكره المؤلف مُفصَّلًا.

قوله: (مُصِيبَتُهُ مِنَ البَائِعِ، وَالمُشْتَرِي أَمِينٌ):

(مُصِيبَته) يَعْني: خَسَارته على البَائع، وبه قال مَالكٌ وأصحابُهُ واللَّيث، والليث - كما تعلمون - هو فقيه مصر قبل الشَّافعيِّ، والأوزاعيُّ إنما هو فقيه الشام، وكلاهما أيضًا في درجة لا تقل عن الأئمة الأربعة.


(١) يُنظر: "التاج والإكليل" للمواق (٤/ ٤٢٢) حيث قال: "قال مالكٌ: من اشترى عبدًا بعبدٍ والخيار لأحدهما أو لهما جميعًا وتقابضا، فمصيبة كل عبدٍ من بائعه؛ لأن البيع لم يتم، ولا يتم بينهما حتى يقع الخيار".
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ٤٨٧) حيث قال: "فعند مالك والشافعي وأصحابهما والليث والأوزاعي هلاكه من البائع والمشتري أمين".
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>