للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم يكن هناك تقصيرٌ فلا، وهذا كما ذَكَرتُ لكم من دقة الفقهاء رحمهم الله، فهل نحن في دراستنا الآن ندقق هذا التدقيق، ونغوص في المسائل كما يغوصون، ونربط بعضها ببعضٍ؟

الجواب: لا، فما كان أحدهم يتجاوز جزئيةً من الجزئيات إلا وهو يعرف علَّتها؛ سواء أصاب في فهمه أو أخطأ؛ لأنه مأجورٌ على كل حالٍ، كما في الحديث الصحيح: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد" (١)، فهو مَأْجورٌ على كلا الأمرين، فإنْ أصَاب فلَه أجران، أجر اجتهاده وأجر إصابته، وإنْ أخطأ فله أجرٌ واحدٌ هو أجر الاجتهاد، لكن ممَّنْ يَكُون الاجتهاد؟ من أهل الاجتهاد، فلا يأتي إنسانٌ في أولى درجات طلب العلم، ثم بعد ذلك يُنصِّب نفسه للفتوى والاجتهاد، وقال الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم -: "أَجْرَؤكم على الفتيا أَجْرَؤكم على النار" (٢).

قوله: (وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَغْلِبُ عَلَيْهِ، فَضَمَانُهُ مِنَ البَائِعِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٣): إِنْ كَانَ شَرْطُ الخِيَارِ لِكِلَيْهِمَا، أَوْ لِلْبَائِعِ وَحْدَه، فَضَمَانُهُ مِنَ البَائِعِ وَالمَبِيعِ عَلَى مِلْكِهِ، أَمَّا إِنْ كَانَ شَرَطَهُ المُشْتَرِي وَحْدَه، فَقَدْ


(١) أخرجه البخاري (٧٣٥٢)، ومسلم (١٧١٦).
(٢) أخرجه الدارمي (١٥٧)، وضعفه الأَلْبَانيُّ في "السلسلة الضعيفة" (٤/ ٢٩٤).
(٣) يُنظر: "الاختيار لتعليل المختار" للبلدحي (٢/ ١٤) حيث قال: "ثم الخيار إما أن يكون للبائع أو للمشتري أو لهما، فإن كان للبائع فلا يخرج المبيع عن ملكه؛ لأنه إنما يخرج بالمُرَاضاة، ولا رضا مع الخيار حتى نفذ إعتاق البائع، وليس للمشتري التصرف فيه، ولو قبضه المشتري وهلك في يده في مدة الخيار فعليه قيمته؛ لأنه لم ينفذ البيع، ولا نفاذ للتصرف بدون الملك، فصار كالمقبوض على سوم الشراء، وفيه القيمة، ولو هلك في يد البائع لا شيء على المشتري كالصحيح، ويخرج الثمن من ملك المشتري بالإجماع، ولا يدخل في ملك البائع عند أبي حنيفة خلافًا لهما، وإنْ كان الخيار للمشتري يخرج المبيع عن ملك البائع؛ لأن البيع لزم من جانبه، ولا يدخل في مِلْكِ المشتري عند أبي حنيفة، وعندهما يدخل، والثمن لا يخرج من ملك المشتري بالإجماع".

<<  <  ج: ص:  >  >>