للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يرده، فهل يورث ذلك بالنسبة للأبناء؟ سلم المالكية والشافعية للحنفية والحنابلة هذه القاعدة وقالوا: نُسلِّم لكم ذلك.

قوله: "أَعْنِي: أَنَّهُ لَمْ يَرَ لِوَرَثَةِ المَيِّتِ مِنَ الخِيَارِ فِي رَدِّ الأبِ مَا وَهَبَهُ لابْنِهِ) (١)، مَا جَعَلَ لَهُ الشَّرْعُ مِنْ ذَلِكَ (أَعْنِي: لِلأَبِ).

قد يسأل سائلٌ فيقول: لماذا يفرق بين الأب وغيره؟

وأعتقد أن الأمر واضح جدًّا، فهناك عدة أسباب:

أوَّلها: كما جاء في الحديث: "أنت ومالك لأبيك" (٢)، "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه" (٣)، ندع هذا الأمر على أنه من كسبه، لكننا نأتي إلى تقرير الحكم الشرعي، وهي قضية رد الهبة؛ لأنه - كما تعلمون - جاء النهي عن رد الهبة، وأن هذا ليس من مكارم الأخلاق، ولذلك شبه الرسول - صلى الله عليه وسلم - العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه (٤)، فهل هناك وصفٌ أسوأ من هذا الوصف، كأن هذا الذي يهب شيئًا ثم يرجع فيه بمثابة كَلْب قاء،


= قالت عائشة: فقلت: يا أبتِ، والله لو كان كذا وكذا لتركته، إنما هي أسماء، فمن الأخرى؟ فقال: ذو بطن بنت خارجة.
(١) يُنظر: "رد المحتار" لابن عابدين (٥/ ٧٠١) حيث قال: "أما إذا مات الموهوب له، فلأن الملك قد انتقل إلى الورثة، وأما إذا مات الواهب، فلأن النص لم يوجب حق الرجوع إلا للواهب، والوارث ليس بواهب".
وينظر: "شرح التلقين" للمازري (٢/ ٣٧٠) حيث قال: "وهكذا اختلف عندنا في الهبات: هل يبطلها موت الواهب أو فلسه قبل أن يقبضها الموهوب له، إذا لم يفرط الموهوب له في القبض، مثل أن يهبه سلعةً غائبةً، أو دارًا غائبة، فَخَرج الموهوب له ليقبض ذلك، فمات الواهب، والموهوب له لم يصل إلى الموضع الذي به الهبة، فالحكم عِنْدَنا في الهبة والرهن إذا لم يحصل القبض في واحدٍ منهما حكمٌ واحدٌ".
(٢) أخرجه ابن ماجه (٣٤٧٧)، وَصَحَّحه الأَلْبَانيُّ. انظر: "صحيح الجامع" (٢/ ١١٣٨).
(٣) أخرجه ابن ماجه (٢١٣٧)، وصَحَّحه الأَلْبَانيُّ. انظر: "إرواء الغليل" (٣/ ٣٣٠).
(٤) أخرجه البخاري (٢٥٨٩)، ومسلم (١٦٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>