كان كثيرًا (١)، فهناك صنف من الناس لا يستفيدون من أموالهم وإن كثرت، ومنهم من يملك أموالًا طائلة ثم يموتون ويتركونها للورثة يبذرونها ويضيعونها، بخلاف صنف آخر عنده أموال كثيرة ينفقها في سبيل الله، فيتصدق ويبني المساجد وشماعد المحتاجين ويفك عسر المعسرين ويفرج عن المكروبين، وهذا صنف موجود بحمد الله، لن تخلو منه الأمة في أيِّ عصر.
قوله: (إما ببينة): كأن يشهد شهود أن البائع كاذب في دعواه أنه اشتراها بكذا، واختلف أهل العلم: هل يفسح البيع بقيام البينة أم لا؟
فقال الحنابلة بصحة العقد ولكن يحط عنه الزيادة ولا حاجة في أن يخبره، وعللوا ذلك بأن أصل العقد لم يحصل فيه خلل، فإذا اشترى سلعة فباعها مرابحة ثم نقصت السلعة فإنه يترتب عليه نقص في الثمن وفي الربح أيضًا، فإذا حُطت الزيادة ورجع إلى الأصل صحح البيع، ومذهب الشافعية في هذا قريب من مذهب الحنابلة.
وقال مالك وجماعة بالتفصيل، فإما أن يأخذ بالثمن الذي صح، أو يترك إذا لم يُلزمه البائع أخذها بالثمن الذي صح، وإن ألزمه لزمه وحطَّ عنه الزيادة.
وذهب أبو حنيفة وزفر إلى أن المشتري بالخيار مطلقًا ولا يلزمه الأخذ بالثمن الذي إن ألزمه البائع لزمه؛ وذلك أن الكذب يؤثر على السلعة كتأثير العيب.
قوله: (كمَا لَوْ أَخَذَ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ فَخَرَجَ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْكَيْلِ … )، يعني: لو اشترى منه مكيلًا ثم تبين أنه أقل فإنه يرجع إليه ويوفيه حقه.
(١) أخرج هذا المعنى البخاري (٢٠٧٩)، ومسلم (١٥٣٢/ ٤٧) عن حكيم بن حزام، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، - أو قال: حتى يتفرقا - فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما".