للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه لا يجوز بيع جنس ربوي بجنسه إلا بشرطين: الأول: التماثل. والثاني: التقابض.

قال الإمام ابن المنذر رَحِمه الله: "إن الذي حرم المزابنة هو الذي أرخص في بيع العرايا، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى وأحق بأن يتبع قوله دون غيره" (١).

قوله: (فَعَلَى مَذْهَب مَالِكٍ الرُّخْصَةُ فِي الْعَرِيَّةِ … ) فقصر المالكية العرية على الواهب، بمَعنى أنها خاصة بالواهب، فإذا ما تبرع صاحب بستان لجاره أو لقريبه أو لمحتاج بثمرة نخلة أو أكثر، ثم إنه ربما يتأذى من ذلك فله أن يبيعها على الواهب، فقصر المالكية العارية على هذا النوع.

قوله: (وَالرُّخْصَةُ فِيهَا إِنَّمَا هِيَ اسْتِثْنَاؤُهَا مِنَ الْمُزَابَنَةِ، وَهِيَ بَيْعُ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ الْجَافِّ الَّذِي وَرَدَ النَّهْيُ عَنْه، وَمِنْ صِنْفَيِ الرِّبَا أَيْضًا (أَعْنِي: التَّفَاضُلَ وَالنَّسَاءَ)، وَذَلِكَ أَنَّه بَيْع تمر مَعْلُومِ الْكَيْلِ بتمر مَعْلُومٍ بِالتَّخْمِينِ - وَهُوَ الْخَرْصُ - فَيَدْخُلُهُ بَيْعُ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مُتَفَاضِلًا وَهُوَ أَيْضًا بتمر إِلَى أَجَلٍ).

الكيل المعلوم هو التمر الذي على الأرض؛ إذ يشترط فيه الكيل؛ لأن الرطب يقدر والتمر يكال، ولا يجوز في الأصل أن يقدر التمر الذي على الأرض؛ إذ لا بد في بيع المطعومات الربوية من معرفة القدر، وإذا تعذر معرفة أحدهما لزم معرفة قدر الآخر ألا وهو التمر، فالرطب يتعذر معرفة قدره؛ ولذلك يخرس، أما التمر فلا بد من أن يكون مكيلًا معلوم القدر.


(١) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (١٠/ ٧٦) قال: "فبيع العرايا جائز على ما جاءت به الأخبار؛ لثبوت ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذي أرخص في بيع العرايا هو الذي نهى عن بيع الثمر بالتمر، وليس قبول أحد الخبرين أولى من الآخر".

<<  <  ج: ص:  >  >>