للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: "فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد" (١)، أما إذا كان تمر يقابله ملح أو يقابله شعير فلا مانع من التفاضل هنا، لكن لا بد من أن يكون يدًا بيد.

قوله: (وهو أيضًا بتمر إلى أجل): فهذا يدخل فيه النساء، لكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - استثناه، فدل ذلك على جوازه، إذن يكون رخصة، ونحن مطالبون بأن نأخذ من رخص الله سُبْحانه وتعالى؛ لأن الله - تعالى - يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معاصيه.

قوله: (فَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ (٢) فِيمَا هِي الْعَرِيَّة، وَمَا هِيَ الرُّخْصَةُ فِيهَا، وَلِمَنِ الرُّخْصَةُ فِيهَا).

فهذا وصف دقيق مجمل لمذهب المالكية في العرية وأنها خاصة بالهبة، وقد ذكر المؤلف الشروط التي ينبغي أن تتوفر في الهبة كي تكون جائزة.

قوله: (وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ (٣): فَمَعْنَى الرُّخْصَةِ الْوَارِدَةِ عِنْدَهُ فِيهَا لَيْسَتْ لِلْمُعَرِّي خَاصَّةً، وَإِنَّمَا هِيَ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ هَذَا الْقَدْرَ مِنَ التَّمْرِ (أَعْنِي: خَمْسَةَ الْأَوْسُقٍ أَوْ مَا دُونَ ذَلِكَ بِتَمْرٍ مِثْلِهَا).

أي: ليست خاصة بالواهب، بل هي له ولغيره، فالذي وهب له أن


(١) أخرجه مسلم (١٥٨٧) عن عبادة.
(٢) هو لا يطلب شيئًا؛ إنما يصف المذهب باختصار.
(٣) يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٤/ ١٥٨) قال: " (وأنه)، أي: بيع العرايا (لا يختص بالفقراء) وإن كانوا هم سبب الرخصة لشكايتهم له - صلى الله عليه وسلم - أنهم لا يجدون شيئًا يشترون به الرطب إلا التمر؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وبأن ذلك حكمة المشروعية، ثم قد يعم الحكم كالرمل والاضطباع، وهم هنا من لا نقد بيده كما قاله الجرجاني والمتولي. ولو اشترى العرية من يجوز له شراؤها، ثم تركها حتى صارت تمرًا جاز خلافًا لأحمد".

<<  <  ج: ص:  >  >>