للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مالكًا في كون العارية هبة، لكنه يوافق الشافعي (١) أيضًا في أنها أوسع من ذلك.

قوله: (وَيُخَالِفُهُ … )، أي: يخالف أحمد مالكًا في مسألة بيع العارية، فذهب أحمد (٢) إلى أنها رخصة للموهوب له لا للواهب؛ فله أن يبيعها على من وهبه إياها وعلى غير من وهبها إياها، كما هو مذهب الشافعي رَحِمه الله.

قوله: (وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ (٣): فَيُوَافِقُ مَالِكًا فِي أَنَّ الْعَرِيَّةَ هِيَ الْهِبَة، ويُخَالِفُهُ فِي صِفَةِ الرُّخْصَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الرُّخْصَةَ عِنْدَهُ فِيهَا لَيْسَتْ هِيَ مِنْ بَابِ اسْتِثْنَائِهَا مِنَ الْمُزَابَنَةِ وَلَا هِيَ فِي الْجُمْلَةِ فِي الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا الرُّخْصَةُ فِيهَا عِنْدَهُ مِنْ بَابِ رُجُوعِ الْوَاهِبِ فِي هِبَتِهِ؛ إِذا كَانَ الْمَوْهُوبُ


(١) يُنظر: "مطالب أولي النهى" للرحيباني (٣/ ٧٢٣) قال: " (وشرط) لصحة الإعارة أربعة شروط: أحدها (كون عين) معارة (منتفعًا بها مع بقائها) كالدور والعبيد والثياب والدواب ونحوها؛ "لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعار من أبي طلحة فرسًا" ومن صفوان أدرعًا، وسئل عن حق الإبل فقال: "إعارة دلوها واطراق فحلها"، فثبت ذلك في المنصوص عليه، والباقي قياسًا. (فدفع ما لا يبقى؛ كطعام تبرع من دافع)؛ لأنه لا ينتفع به إلا مع تلف عينه، لكن إن أعطى الأطعمة والأشربة بلفظ الإعارة، فقال ابن عقيل: احتمل أن يكون إباحة الانتفاع على وجه الإتلاف".
(٢) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٤/ ٤٧) قال: "لا يشترط في بيع العرية أن تكون موهوبة لبائعها. هذا ظاهر كلام أصحابنا. وبه قال الشافعي. وظاهر قول الخرقي، أنه شرط. وقد روى الأثرم، قال: سمعت أحمد سئل عن تفسير العرايا، فقال: العرايا أن يعري الرجل الجار أو القرابة للحاجة أو المسكنة، فللمعري أن يبيعها ممن شاء".
(٣) يُنظر: "الدر المختار للحصكفي وحاشية ابن عابدين" (٥/ ٦٧٧ - ٦٧٨) قال: " (وتصح بأعرتُك) لأنه صريح (وأطعمتك أرضي) أي: غلتها؛ لأنه صريح مجازًا من إطلاق اسم المحل على الحال (ومنحتك) بمعنى أعطيتك (ثوبي أو جاريتي هذه وحملتك على دابتي هذه إذا لم يرد به) بمنحتك وحملتك (الهبة) لأنه صريح فيفيد العارية بلا نية والهبة بها أي مجازًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>