للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالرُّطَب، إِلَّا أَنَّهُ رَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا يَأْكلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا (١) "قَالُوا: فَقَوْلُهُ (يَأْكُلُهَا رُطَبًا) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِمُعَرِّيهَا؛ لِأَنَّهُمْ فِي ظَاهِرِ هَذَا الْقَوْلِ أَهْلُهَا. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ أَهْلَهَا هُمُ الَّذِينَ اشْتَرَوْهَا كَائِنًا مَنْ كَانَ، لَكِنَّ قَوْلَهُ (رُطَبًا) هُوَ تَعْلِيلٌ لَا يُنَاسِبُ الْمُعَرِّي، وَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ هُوَ مُنَاسِبٌ، وَهُمُ الَّذِينَ لَيْسَ عِنْدَهُمْ رُطَبٌ وَلَا تَمْرٌ يَشْتَرُونَهَا بِهِ، وَلِذَلِكَ كَانَتِ الْحُجَّةُ لِلشَّافِعِيِّ).

احتج مالك على مذهبه بحديث سهل بن أبي حثمة، وهو حديث متفق عليه، وقوله: (خاص بمعريها)، أي: الواهب.

قوله: (لِأَنَّهُمْ فِي ظَاهِرِ هَذَا الْقَوْلِ أَهْلُهَا. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ … ) وهذا أعم وأولى، وهذا هو الذي يأخذ به الشافعية (٢)، وأهلها هو صاحب هذه الثمرة سواء الذي وهبت له أو الذي اشتراها، فإذا كان الذي توهب له يكون صاحبًا لها فأولى أن يكون صاحبُها الذي اشتراها.

فأراد المالكية قصر ذلك على الأصل عندهم في أنها خاصة بالهبة، وأما الشافعية فإنهم يتوسعون في ذلك، واحتج الشافعي رَحِمه الله بقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: "رطبًا" ولذلك كانت الحجة للشافعي في هذا، لا لمذهب مالك. وسيأتي تضعيف المؤلف رَحِمه الله لمذهب مالك في هذه المسألة.


(١) أخرجه البخاري (٢١٩١) ومسلم (١٥٤٠).
(٢) يُنظر: "الأم" للشافعي (٣/ ٥٤) قال: "وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يأكلها أهلها رطبًا" خبر أن مبتاع العرية يبتاعها ليأكلها يدل على أنه لا رطب له في موضعها يأكله غيرها، ولو كان صاحب الحائط هو المرخص له أن يبتاع العرية ليأكلها كان له حائطه معها أكثر من العرايا؛ فأكل من حائطه ولم يكن عليه ضرر إلى أن يبتاع العرية التي هي داخلة في معنى ما وصفت من النهي".

<<  <  ج: ص:  >  >>