للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (وَأَمَّا أَنَّ الْعَرِيَّةَ عِنْدَهُ هِيَ الْهِبَةُ فَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ اللُّغَة؛ فَإِنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ قَالُوا: الْعَرِيَّةُ هِيَ الْهِبَة، وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ، فَقِيلَ: لِأَنَّهَا عَرِيَتْ مِنَ الثَّمَنِ، وَقِيلَ: إِنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ عَرَوْتُ الرَّجُلَ أَعْرُوهُ إِذَا سَأَلْتُه، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ (١) وَالْمُعْتَرَّ (٢)}).

أراد المؤلف أن يبين دليل المالكية على أن العارية هي الهبة.

قوله: (ومنه قوله تعالى: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}، "القانع" هو الذي يتكفف عن السؤال، أي: الذي لا يسأل الناس إلحافًا، فتجد الحاجة بادية عليهم، لكنهم لا يسألون الناس إلحافًا.

وأما المعتر فهو الذي يسأل للحاجة، ومنه أخذ تعريف العرية، وقيل: سميت بذلك لأنها عريت عن الثمن.

قوله: (وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ مَالِكٌ نَقْدَ الثَّمَنِ عِنْدَ الْجِذَاذِ (أَعْنِي: تَأْخِيرَهُ إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ)؛ لِأَنَّهُ تَمْرٌ وَرَدَ الشَّرْعُ بِخَرْصِهِ، فَكَانَ مِنْ سُنَّتِهِ أَنْ يَتَأَجَّلَ إِلَى الْجِذَاذِ، أَصْلُهُ الزَّكَاة، وَفِيهِ ضَعْفٌ، لِأَنَّهُ مُصَادَمَةٌ بِالْقِيَاسِ لِأَصْلِ السُّنَّةِ).

ما ذكره المؤلف من ضعف مذهب مالك (٣) في هذه المسألة هو الصحيح؛ لأن الأصل في هذا المال الربوي الذي استُثني أن يكون فيه التقابض حتى يبتعد عن ربا النسيئة، فكونه يؤجل يرد عليه الإشكال،


(١) "القانع": الذي يسأل. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (٨/ ٢٩٧).
(٢) "المعتر": الذي يتعرض ولا يسأل. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (٨/ ٢٩٧).
(٣) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير وحاشية الدسوقي (٣/ ١٨٠) قال: " (يوفى) الخرص (عند الجذاذ) لا على شرط التعجيل؛ فإنه مفسد وإن لم يعجل بالفعل، وأما التعجيل من غير شرطه فلا يضر سواء اشترط التأجيل أو سكت عنه (في الذمة) أي: ذمة المعري بالكسر لا في حائط معين".

<<  <  ج: ص:  >  >>