للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أجر واحد" (١) فالمصيب له أجران؛ أجر اجتهاده وأجر إصابته، والمخطئ له أجر؛ لأنه اجتهد وقصد الوصول إلى الحق، وكونه أخطأ فإنه ما قصد الخطأ، فهو يثاب على اجتهاده؛ لأنه بذل ذَوْب قلبه ونفسه ليصل إلى الحق، لكنه ما اهتدى إلى ذلك، فهو لا يفقد الثواب ولا يعدم الجزاء، فإن الله سُبْحانه وتعالى يجازي أيضًا على النيات "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" (٢).

قوله: (وَفِيهِ ضَعْفٌ؛ لِأَنَّهُ مُصَادَمَةٌ بِالْقِيَاسِ لِأَصْلِ السُّنَّةِ) أصل السنة "يأكلها أهلها رطبًا" فكيف تتركها إلى الجذاذ؟

قوله: (وَعِنْدَهُ أَنَّهُ إِذَا تَطَوَّعَ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ بِتَعْجِيلِ التَّمْرِ جَازَ (٣)، وَأَمَّا اشْتِرَاطُهُ جَوَازَهَا فِي الخَمْسَةِ الْأَوْسُقِ، أَوْ فِيمَا دُونَهَا: فَلِمَا رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا فِيمَا دُونَ خَمْسَة أَوْسُق، أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ" (٤).

قوله: (وعنده)، أي: عند مالك رَحِمه اللهُ.

قوله: (أرخص) يقال: رخَّص بالتشديد، وأرخص، وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، فصيغة فعَّل فيها تأكيد، وأرخص فيها زيادة الهمزة فهي تدل على العناية بذلك وأن نتمسك بالرخص وألا نردها.

قوله: (فيما دون خمسة): ما دون الخمسة متفق عليها عند الأئمة


(١) أخرجه البخاري (٧٣٥٢) ومسلم (١٧١٦) عن عمرو بن العاص، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر".
(٢) أخرجه البخاري (١) ومسلم (١٩٠٧).
(٣) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير و"حاشية الدسوقي" (٣/ ١٨٠٣) قال: " (يوفى) الخرص (عند الجذاذ) لا على شرط التعجيل فإنه مفسد وإن لم يعجل بالفعل وأما التعجيل من غير شرطه فلا يضر سواء اشترط التأجيل أو سكت عنه".
(٤) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>