للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والخلاصة: أن هذا الذي سماه جمهور العلماء عارية يسميه أبو حنيفة بأنه هدية، فإذا ما رجعت هذه الهدية إلى المعري يكون ذلك من باب رجوع المهدي في هديته.

قوله: (أَوْ تَسْمِيَتِهِ إِيَّاهَا بَيْعًا عِنْدَهُ مَجَازٌ)، يعني: حتى وإن سميت بيعًا فهو بيع المجاز وليس البيع الحقيقي المعروف (١).

قوله: (وَقَدِ الْتَفَتَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى مَالِكٌ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْه، فَلَمْ يُجِزْ بَيْعَهَا بِالدَّرَاهِمِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ سِوَى الْخَرْصِ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ جَوَازَ ذَلِكَ) (٢).

قوله: (وقد التفت إلى هذا المعنى مالك … )، أي: هذا المأخذ الذي ذهب إليه أبو حنيفة.

قوله: (وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ هَذَا هُوَ مِنْ بَابِ تَغْلِيبِ الْقِيَاسِ عَلَى الْحَدِيثِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ خَالَفَ الْأَحَادِيتَ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّهَا بَيْعًا، وَقَدْ نَصَّ الشَّارعُ عَلَى تَسْمِيَتِهَا بَيْعًا (٣)).


(١) وقد تقدم ذلك كله.
(٢) يُنظر: "المدونة" للإمام مالك (٣/ ٢٩٢ - ٢٩٣) قال: "قلت: فإذا حل بيعها، أيجوز أن يأخذها بخرصها من التمر نقدًا أم بشيء من الطعام؟ قال: فأما التمر فلا يجوز له إلا أن يشتريها بخرصها تمرًا إلى الجداد، وأما أن يعجله فلا، وأما بالطعام فلا يصلح أيضًا إلا أن يجد ما في رؤوسها مكانه، ولا يجوز أن يشتريها بطعام إلى أجل ولا بثمر نقدًا وإن جدها.
قلت: فالدنانير والدراهم؟ قال: لا بأس أن يشتريها من الذي أعريها بالدنانير والدراهم إذا حل بيعها نقدًا أو إلى أجل وكذلك بالعروض".
(٣) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٥/ ١٩٤) قال: "وتفسير العرية - عندنا - ما ذكره مالك بن أنس - رضي الله عنه - في الموطإ، وهو أن يكون لرجل نخيل فيعطي رجلًا منها ثمرة نخلة أو نخلتين يلقطهما لعياله، ثم يثقل عليه دخوله حائطه، فيسأله أن يتجاوز له عنها على أن يعطيه بمكيلتها تمرًا عند إصرام النخل، وذلك ما لا بأس به عندنا؛ لأنه لا بيع هناك، بل التمر كله لصاحب النخل، فإن شاء سلم له ثمر النخل وإن=

<<  <  ج: ص:  >  >>