للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد مر بنا أنه ليس تغليب القياس، بل قد استدل بعموم حديث نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المزابنة، ثم استدل بالقياس أيضًا.

قوله: (وَذَلِكَ أَنَّهُ خَالَفَ الْأَحَادِيثَ فِي مَوَاضِعَ … )، أي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع المزابنة ورخص في بيع العرايا، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - سماها بيعًا، والمؤلف يأخذ على أبي حنيفة أنه قال: إن ذلك ليس ببيع، وعلى تقرير ذلك فهو مجاز؛ إذ إن الحديث بنصه يرد عليه، وهو أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - سمى العارية بيعًا، ولا قياس مع النص. هذا أولًا.

قوله: (وَمِنْهَا: أَنَّهُ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ، وَرَخَّصَ فِي الْعَرَايَا).

ثانيًا: أيضًا جاء في الحديث إطلاق ثم خُصص، فقد نهى عن المزابنة ورخص في العارية، إذن العارية استخرجت من المزابنة ولها شروط معروفة (١):

- ألا تزيد على خمسة أوسق، وفي الخمسة خلاف، وفيما دونها اتفاق.

- وأن يأكلها صاحبها رطبًا.

- وأن يكون محتاجًا إلى ذلك.

- وأن يكون بخرصها تمرًا يقابله بكيل معلوم.

قوله: (وَعَلَى مَذْهَبِهِ لَا تَكُونُ الْعَرِيَّةُ اسْتِثْنَاءً مِنَ الْمُزَابَنَةِ؛ لِأنَّ الْمُزَابَنَةَ هِيَ فِي الْبَيْعِ. وَالْعَجَبُ مِنْهُ أَنَّهُ سَهْلٌ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَثْنِيَهَا مِنَ النَّهْيِ


= شاء أعطاه بمكيلتها من التمر، إلا أن الراوي سماه بيعًا لتصوره بصور البيع، لا أن يكون بيعًا حقيقة، بل هو عطية، ألا ترى أنه لم يملكه المعرى له لانعدام القبض؟ فكيف يجعل بيعًا؟ ولأنه لو جعل بيعًا لكان بيع التمر بالتمر إلى أجل، وإنه لا يجوز بلا خلاف، دل أن العرية المرخص فيها ليست ببيع حقيقة، بل هي عطية".
(١) تقدم أقوال الأئمة في هذه الشروط، ومذهب كل منهم فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>