للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (وَكَذَلِكَ كلُّ مَنْفَعَةٍ كَانَتْ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَى الإِنْسَان بِالشَّرْعِ مِثْلُ الصَّلَاةِ، وَغَيْرِهَا) (١).

أيْ: لا يجوز أن يستأجر إنسانًا ليصلي عنه أو ليصوم، كما لا يجوز للإمام أن يستأجر مَنْ يكمل بهم عدد صلاة الجمعة؛ لأن هذه طاعات وقُرَب يتقرب بها المسلم إلى الله سُبْحانه وتعالى، فلا يأخذ عليها أجرًا، فهذه القُرُبات مبناها على النية والإخلاص لله سُبْحانه وتعالى، كما قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}.


(١) فقد ذهب أصحاب المذاهب الأربعة وأهل الظاهر إلى منع الاستئجار على الصلاة مطلقًا؛ فريضةً أو نافلةً أو منذورةً.
فمذهب الحنفية، يُنظر: "الهداية في شرح البداية" للمرغيناني (٣/ ٢٣٨)، قال: "فلا يجوز له أخذ الأجر من غيره كما في الصوم والصلاة".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير و"حاشية الدسوقي" (٤/ ٢٢) قال: (ولا) تجوز الإجارة على (متعين) أي: مطلوب من كل شخص بعينه، ولا تصح فيه النيابة (ولو غير فرض)، أي: هذا إذا كان المطلوب من كلِّ أحدٍ فرضًا، بل ولو كان غير فرض أيْ بأن كان مندوبًا كركعتي الفجر، وأدخل بالكاف جميع المندوبات من الصلاة والصوم.
ومذهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (٢/ ٤١٠) (فالقربة المحتاجة للنية) كالصلاة والصوم (لا يستأجر لها)، إذ القصد منها امتحان المكلف بكسر نفسه بفعلها، ولا يقوم الأجير مقامه في ذلك.
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" (٤/ ١٢) قال: ويحرم، ولا تصحُّ إجَارةٌ على عمل يختص فاعله أن يكون من أهل القربة، وهو المسلم، (ولا يقع) ذلك العمل (إلا قربة لفاعله) كإقامة وإمامة صلاة.
مذهب الظاهرية، يُنظر: "المحلى" لابن حزم (١٦/ ٧) قال: "ولا تجوز الإجارة في أداء فرض من ذلك إلا عن عاجز، أو ميت … فالاستئجار في ذلك جائز؛ لأنه لم يأت عنه نهيٌ، فهو داخلٌ في عموم أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمؤاجرة.
وأما الصلاة المنسية، والمنوم عنها؛ والمنذورة، فهي لازمة للمرء إلى حين موته، فهذه تؤدى عن الميت، فالإجارة في أدائها عنه جائزة؛ وأما المتعمد تركها، فليس عليه أن يصليها، إذ ليس قادرًا عليها، إذ قد فأتت، فلا يجوز أن يؤدى عنه ما ليس هو مأمورًا بأدائه".

<<  <  ج: ص:  >  >>