للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كرِهُوا الجُعْلَ عَلَى تَعْلِيمِ القُرْآنِ فَقَالَ: هُوَ مِنْ بَابِ الجُعْلِ عَلَى تَعْلِيمِ الصَّلَاةِ، قَالُوا: وَلَمْ يَكُنِ الجُعْلُ المَذْكُورُ فِي الإِجَارَةِ عَلَى تَعْلِيمِ القُرْآنِ، وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى الرَّقْيِ، وَسَوَاءٌ أكَانَ الرَّقْيُ بِالقُرْآنِ أَوْ غَيْرِهِ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا جَائِزٌ كَالعِلَاجَاتِ. قَالُوا: وَلَيْسَ وَاجِبًا عَلَى النَّاسِ، وَأَمَّا تَعْلِيمُ القُرْآنِ فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى النَّاسِ).

وفي بعض الروايات أنهم أبوا أن يُضيِّفوهم، ثم لدغ سيد الحي فسألوهم الرقية، فاشترطوا جُعْلًا (١) وأقرهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا فرق بين الرقية وتعليم القرآن إذ إنها أجرة أُخِذَتْ على كتاب الله، وأما قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ومَا يُدْريك أنها رقية"، فهذا على سبيل الإقرار لا الإنكار.

قوله: (قَالُوا: وَلَمْ يَكُنِ الجُعْلُ المَذْكُورُ فِي الإِجَارَةِ عَلَى تَعْلِيمِ القُرْآنِ، وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى الرَّقْيِ)، والرُّقى نوعٌ من الدواء، والدواء يجوز أخذ الأجرة عليه، فكان أخذ الأجرة على المداواة، وليس على تعليم القرآن كما سبق.

قوله: (وَأَمَّا تَعْلِيمُ القُرْآنِ فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى النَّاسِ): فليس تعلُّم القرآن كله واجبًا، وإنما يتعلم الإنسان ما يحتاج إليه، وإن أتم دراسته وحفظه، فهذا من أحسن وأعظم ما يُوفَّق إليه العبد.

قوله: (وَأَمَّا إِجَارَةُ الفُحُولِ مِنَ الإِبِلِ وَالبَقَرِ وَالدَّوَابِّ، فَأَجَازَ مَالِكٌ أَنْ يُكْرِيَ الرَّجُلُ فَحْلَهُ عَلَى أَنْ يَنْزُوَ (٢) اَكْوَامًا مَعْلُومَةً، وَلَمْ يُجِزْ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَلَا الشَّافِعِيُّ، وَحُجَّةُ مَنْ لَمْ يُجِزْ ذَلِكَ: مَا جَاءَ مِنَ


(١) أخرجه البخاري (٢٢٧٦).
(٢) قال ابن فارس: "نَزَا يَنزو: وثَب. ونُزاء الذَّكر على أُنثاه. وهو ينزو إلى كذا إذا نازع إليه، كأنه سَمَا له". انظر: "مقاييس اللغة" (٥/ ٤١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>