(٢) مذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٢/ ٣٧٩) قال: "نَهَى رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عن عَسْب الفحل"، رواه البخاري (وهو) بفتح العين وسكون السين المهملتين وبالباء الموحدة (ضِرَابه) وهو بكسر الضاد: طروق الفحل للأنثى … (ويقال: أجرة ضرابه)، ورَجَّحه الخطابي في "غريب الحديث"، وجزم به صاحب "الكافي": أي إنه نهى عن بذل ذلك وأخذه. فإنْ قيل على هذا التقدير: ما الفرق بين التفسير الأول والثالث؟ .. أجيب بأن الأجرةَ على التفسير الأول مقدرة، وعلى الثالث ظاهرة. وهذا كافٍ في الفرق (فيحرم ثمن مائه) عملًا بالأصل في النهي من التحريم، والبيع باطل؛ لأنه غير متقوم ولا معلوم ولا مقدور التسليم (وكذا) يحرم (أجرته في الأصح) لما ذكر، ولم تصح إجارته؛ لأن فعل الضِّراب غير مقدور عليه للمالك، بل يتعلق باختيار الفحل، والثاني يجوز كالاستئجار لتلقيح النخل. وأجابَ الأوَّل بأن الأجير قَادرٌ على تسليم نفسه، وليس عليه عين حتى لو شرط عليه ما يلقح به فسدت الإجارة، وهاهنا المقصود الماء، والمؤجر عاجز عن تسليمه، وعلى الأول لمالك الأنثى أن يعطي مالك الفحل شيئًا هديةً، وإعارته للضِّراب محبوبة كما مر". (٣) مذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح مُنْتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٢٤٩) قال: " (أو نزو فحلٍ)، أي: لا تصح إجارة فحل الضِّراب؛ لنهيه -صلى الله عليه وسلم- عن عَسْب الفحل .. متفق عليه، ولأن المقصود الماء الذي يخلف منه الولد وهو عين فيشبه إجارة الحيوان لأخذ لبنه بل أولى؛ لأن هذا الماء لا قيمة له، فإن احتيج إليه جاز بذل الكراء، وليس للمطرق أخذه .. ذكره في "المغني"، وإن أطرق فحله بلا إجارةٍ، ولا شرطٍ، وأُهْديَتْ له هدية، فلا بأس؛ لأنه فعل معروفًا، فجازت مجازاته عليه".