للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن عسب الفحل (١).

القول الثاني: أنه يجوز إذا كان على أكوامٍ معلومةٍ، وهو قول المالكية (٢)، وحجتهم في ذلك القياس على الرضاعة، والله تعالى يقول: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}، ولما جاز أخذ الأجرة على تأبير النخل (٣)، جاز أخذ الأجرة على نزو الفحل … هذا أوَّلًا.

وثانيًا: المصلحة، فلما لم يفتح باب الإجارة في هذا ربما أدى ذلك إلى انقطاع النسل، فحصل الضرر، والضرر يُزَال.

وأجَاب الجمهور عن أدلة المالكية بأن هذا قياسٌ مع النص، فلا يجوز، وأما قولهم: إن منع الإجارة فيه يؤدي إلى انقطاع النسل، فهو ضعيف؛ لأنه قد جاء الحض على التبرع دون عِوَضٍ.


(١) أخرجه البخاري (٢٢٨٤).
(٢) مذهب المالكيَّة، يُنظر: "حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني" (٢/ ١٧٠) قال: "قوله: ولا بيع ما في ظهور الإبل"، المراد الفحول مطلقًا بأن يقول صاحب الفحل لصاحب الناقة: أبيعك ما يتكون من ماء فحل هذا في بطن ناقتك أو ناقتي، وإذا وقع العقد على شيءٍ من ذلك، فإنه يفسخ إلا أن يفوت المعقود عليه بما يفوت به البيع الفاسد. "قوله: ضِرَاب" بكسر الضاد وهو النزو كما يفيده "المصباح"، فالدليل لا يطابق المدعي تأمل. "قوله: النزو" مصدر بفتح النون على وزن قتل. قال في "المصباح": نزا الفحل نزوًا من باب قتل، ونزوانًا وثب. اهـ.
"قوله: بمرات أو زمان جاز"، أي: مرة أو مرتين أو ثلاث مرات أو يوم أو يومين، وعطف بـ "أو" لإفادة عدم الجمع بينهما كما في الواضحة إنْ سمى يومًا أو شهرًا لم يجز أن يُسمِّي نزوات، فإنْ حصل الحمل انفسخت الإجارة في الصورتين، وعليه بحساب ما انتفع. "قوله: كراهته" ظاهر بهرام أي: مطلقًا كان النزو مضبوطًا بما ذكر أو لا، وظاهره أن الكراهة للتنزيه، ومفاد الحديث الحرمة. وقوله: بعد لم يفسخ، ولم يرد ربما يقوي الكراهة، وعطف لم يرد تفسير. وقوله: للنهي عنه أي: ففي مسلم "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع ضراب الجمل".
(٣) أبرت النخل أبرًا من بابي ضرب وقتل لقحته وأبرته تأبيرًا مبالغة وتكثير. و "الأبور" وِزَان رسول: ما يؤبر به، والإبارُ وِزَان كتاب النخلة التي يؤبر بطلعه. انظر: "المصباح" المنير للفيومي (١/ ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>