للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذه المسائل ونحوها من المسائل الجزئية التي وقع فيها الخلاف بين المذاهب.

قوله: (وَمِنْ هَذَا البَابِ اخْتِلَافُ المَذْهَبِ فِي إِجَارَةِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ.

وَبِالجُمْلَةِ: كُلُّ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ: فَقَالَ ابْنُ القَاسِمِ: لَا يَصِحُّ إِجَارَةُ هَذَا الجِنْسِ وَهُوَ قَرْضٌ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ (١)، وَغَيْرُهُ يَزْعُمُ أَنَّ ذَلِكَ يَصِحُّ، وَتَلْزَمُ الأُجْرَةُ فِيهِ، وَإِنَّمَا منَعَ مِنْ إِجَارَتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَوَّرْ فِيهَا مَنْفَعَةً إِلَّا بِإِتْلَافِ عَيْنِهَا؛ وَمَنْ أَجَازَ إِجَارَتَهَا، تَصَوَّرَ فِيهَا مَنْفَعَةً، مِثْلَ أَنْ يَتَجَمَّلَ بِهَا، أَوْ يَتَكَثَّرَ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُتَصَوَّرَ فِي هَذَا البَابِ، فَهَذِهِ هِيَ مَشْهُورَاتُ مَسَائِلِ الخِلَافِ المُتَعَلِّقَةِ بِجِنْسِ المَنْفَعَةِ. وَأَمَّا مَسَائِلُ الخِلَافِ المُتَعَلِّقَةُ بِجِنْسِ الثَّمَنِ، فَهِيَ مَسَائِلُ الخِلَافِ المُتَعَلِّقَةُ بِمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فِي المَبِيعَاتِ وَمَا لَا يَجُوزٌ).

اختلف أهل العلم في إجارة الدراهم والدنانير على قولين:

القول الأول: المنع من ذلك، وإليه ذَهَب أبو حنيفة (٢) وابن القاسم (٣) من المالكية.


(١) يُنظر: "المنتقى شرح الموطإ"، لأبي الوليد الباجي (٥/ ١١٤) قال: أما ما لا يعرف بعينه كالمكيل والموزون، فلا تصح إجارته. قال القاضي أبو محمد: وإجارته قرضه، والأجرة ساقطة عن مستأجره، وهذا قول ابن القاسم، وكان شيخنا أبو بكر الأبهري وغيره يزعم أن ذلك يصح، وتلزم الأجرة فيه إذا كان المالك حاضرًا معه.
(٢) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٤/ ١٧٥) قال: "ولا تجوز إجارة الدراهم والدنانير، ولا تبرهما".
(٣) يُنظر: "المعونة على مذهب عالم المدينة" للقاضي عبد الوهاب (ص ١٠٩١)، قال "إجارة الدراهم والدنانير وكل ما لا يعرف بعينه لا تصحُّ، وإجارته قرضه، والأجرة ساقطة عن مستأجره، هذا قول ابن القاسم"، وانظر: "الذخيرة" للقرافي (٥/ ٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>