للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سليمًا أم لا، ولا يُدْرى أيكون ثخينًا أم رقيقًا .. هذا أولًا.

وثانيًا: قياسًا على البيع، فكما أنه لا يجوز له أن يأخذ ذلك ثمنًا في البيع، كذلك لا يجوز له أن يأخذه عوضًا في الإجارة، وبهذا نَتَبيَّن وجود الربط القوي بين الإجارة وبين البيع.

قوله: (وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى جُزْءٍ مِنَ الطَّعَامِ مَعْلُومٍ، وَأُجْرَةُ الطَّحَّان ذَلِكَ الجُزْءُ وَهُوَ مَعْلُومٌ أَيْضًا).

وأما الأئمة أبو حنيفة (١) والشافعي (٢) وأحمد (٣) فمنعوا ذلك.


(١) يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي، و"حاشية ابن عابدين" (٥/ ٢٨٠) قال: (قوله: للطحان) أيْ: لمسألة قفيز الطحان، وهي كما في البزازية أن يستأجر رجلًا ليحمل له طعامًا، أو يطحنه بقفيز منه، فالإجارةُ فاسدةٌ ويجب أجر المثل لا يتجاوز به المسمى. (قوله: لأنه منصوص) أيْ: عدم الجواز منصوص عليه بالنهي عن قفيز الطحان، ودفع الغزل إلى حائك في معناه. قال البيري: والحاصل أن المشايخ أرباب الاختيار اختلفوا في الإفتاء في ذلك. قال في العتابية: قال أبو الليث: النسيج بالثلث والربع لا يجوز عند علمائنا، لكن مشايخ بلخ استحسنوه وأجازوه لتعامل الناس، قال: وبه نأخذ. قال السيد الإمام الشهيد: لا نأخذ باستحسان مشايخ بلخ، وإنما نأخذ بقول أصحابنا المتقدمين؛ لأن التعامل في بلدٍ لا يدل على الجواز ما لم يكن على الاستمرار من الصدر الأول، فيَكُونُ ذلك دَليلًا على تقرير النبي -صلى الله عليه وسلم- إياهم على ذلك، فيكون شرعًا منه، فَإذا لم يكن كذلك، لا يكون فعلهم حُجَّةً إلا إذا كان كذلك من الناس كافة في البلدان كلها، فيكون إجماعًا، والإجماع حجة، ألا ترى أنهم لو تعاملوا على بيع الخمر والربا لا يفتى بالحل. اهـ.
(٢) يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (٢/ ٤٠٥) قال: (فصل لا يصح جعل الأجرة مما عمل فيه) الأجير (كالطحن) أي: كاكترائه للطحن (والرضاع بجزءٍ من الدقيق والرقيق) المرتضع (بعد الفطام) أو لسلخ الشاة بجلدها؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- "نهى عن قفيز الطحان"، رواه البيهقي بإسنادٍ حسنٍ، وفَسَّروه باكتراء الطحان على طحن الحنطة ببعض دقيقها، وقيس به ما في معناه، ولأن الأجرة ليست في الحال بالهيئة المشروطة، فهي غير مقدورٍ عليها، وللجهل بها حِينَئذٍ، ولاشتمال العقد على استحقاق كلٍّ منهما على الآخر طحن قدر الأجرة، وهما متنافيان، وللأجير إذا عمل في ذلك أجرة عمله.
(٣) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٢٤٦)، قال: (ولا) يصح استئجاره على=

<<  <  ج: ص:  >  >>